"القطيع" طريقة علاجية خطيرة تتواصل سيناريوهاتها "تحذير من طرف الأطباء المختصين"

  • PDF

عادة ما يذهب البعض في مجتمعنا إلى عادة القطيع التي عرفت منذ زمان عند المعالجين الشعبيين، إلا أن ما لا يعلمه الكل هي الإفرازات السلبية التي تنجم عن تلك العادة المألوفة في الاستطباب والتي لازالت متداولة لدى البعض إلى الوقت الحالي ببعض المداشر والقرى، بحيث تمسك بها بعض الشيوخ وحتى السيدات كطريقة في المعالجة توارثوها عن أسلافهم وراح البعض إلى اتباعها كطريقة في العلاج ويتم التناصح بها بين الكل لاسيما المصابين بأمراض المفاصل وحقق بها المعالجون الشعبيون مداخيل معتبرة بسبب الإقبال الكبير عليها من طرف من يئسوا من المعالجة الكيميائية بالأدوية غير مدركين المخاطر التي تتربص بهم·    
نسيمة خباجة

يتوافد عليهم العشرات من الباحثين عن الشفاء وهم بأناتهم وأمراضهم وعللهم، ومنهم حتى من طرق باب المعالج الشعبي المختص حتى قبل أن يسأل طبيبا عن مداواة علته أو يطرق بابه بعد أن تم نصحه من طرف الغير بأن دواء علته يتمثل في القطيع كطريقة علاجية شعبية متداولة منذ أمد بعيد، لكن لا يدري البعض أين يتجهون وظهر بعض أصحاب العلل كالتائهين بين أطباء المفاصل المتخصصين وهؤلاء المعالجين الشعبيين بطريقة (القطيع)·   

مستودعات تستقبل المئات من المرضى
في إحدى القرى المترامية بناحية الكحلى ببئر توتة شاع عن أحدهم المعالجة عن طريق القطيع ويتوافد إليه المئات ولا نقول العشرات من المرضى، ويبدأ الوفود منذ الصباح الباكر أي مع بزوغ الفجر أين يضع المعالج ورقة أمام الباب لكتابة الأسماء واحترام الأدوار بالنظر إلى العدد الكبير من الوافدين، وفدنا إلى تلك الناحية ولاحظنا الإقبال الكبير عليه فهو بالإضافة إلى استعمال طريقة القطيع في علاج الحالات، يقطع كذلك العين والخلعة وأمراض المعدة وكل شيء، بحيث اصطف في مدخل الدار الرجال فيما أخذت النسوة من غرفة مظلمة مكانا لجلوسهن وكان المرضى يئنون من شدة الآلام، بحيث عرف عنه مداواة عرق النسا أو (عرق لاسا) كما يعرفه الكل وهو مرض مؤلم جدا يصيب النسوة والرجال، بحيث وفد إليه الكثير ممن يعانون من المرض للعثور على الشفاء بيده وكان يظهر بين المرة والأخرى ويبين ملله من كثرة الزبائن أو المرضى والذين هم في الحقيقة الثروة التي يجنيها في آخر اليوم من حرفته، كما اصطفت بأحد زوايا الغرف قرون حيوانات و كوانين الفحم وغيرها من الأشياء الغريبة التي تجلب الخوف والهلع وزادت المكان ظلمة ووحشة·       

روايات عن نجاعة القطيع في مداواة بعض العلل
ما كان يدور من حديث بين هؤلاء النسوة التي اختلفت أعمارهن واتحدت عللهن أن ذلك الشيخ يعالج الكثير من الأعراض كالعين والمس والسحر وغيرها، كما يرقي في الماء بحكم مرافقة بعض النسوة لبعض قوارير المياه المعدنية فيما ظهرت بعض السيدات والعجائز وحتى الأوانس وهن يعانين من آلام المفاصل ومنهن حتى من لم تقدر على التحرك واتباع الخطوات ونصحت بالإقدام على ذلك المعالج·*

وحسب ما سردته بعض النسوة فإن المعالج أسعف الكثير من الحالات المرضية التي فقدت الأمل وسكنها اليأس منهن إحدى العجائز التي قالت إنها وصلت إلى حد قطع رجلها لولا بركة الشيخ كما  قالت الذي تابعت عنده حصصا علاجية استعمل فيها طريقة الحرق عن طريق قرون الكبش على أن تمتنع عن أكل لحم الخروف ما حيت وإلا عاد إليها المرض، وقالت إنها أخذت بالنصيحة ولم تعد تأكل لحم الأغنام لا في الأفراح ولا في الأتراح وبالفعل شفيت تماما·    
سيدة أخرى أكدت لنا نجاعة عملية القطيع بحكم تجربتها مع ابنتها التي عانت من مرض بوصفاير وبعد أن قطعت لها الطبيبة الأمل في الشفاء وأخبرتها أن الداء وصل إلى منطقة الكبد سارعت إلى العلاج الشعبي الذي نصحت به من طرف معارفها وأخذت ابنتها إلى عجوز اختصت في القطيع لداء بوصفاير وكانت العملية عن طريق شفرة حلاقة إذ أحدثت لها جروحا على منطقة الجبين بعدها مررت قطعة من البصل على تلك الجروح وبالفعل شفيت ابنتها بعد فترة قصيرة من ذلك المرض العويص·  

وحالات أخرى تتفاقم
ورغم تلك الروايات التي تؤكد نجاعة بعد طرق العلاج الشعبي  في الوصول إلى شفاء بعض الحالات لا ننفي أن من الحالات من تفاقمت حالتها لاسيما المصابين بأمراض المفاصل على غرار عرق النسا أو عرق لاسا إذ أكدت التجارب تفاقم أعراض تلك العلة، على من خضع إلى القطيع والاكتواء بالنار كون أن القطيع يعتمد على صفيحة من حديد أو سكين يمرر على كانون الفحم المشتعل وبعدها يمرر على درجة من السخونة على المنطقة المعلولة للمصابين بعرق النسا مما قد يؤدي إلى زيادة الآلام ومضاعفتها بحيث يؤدي إلى العديد من المخاطر أو حتى إلى طول أمد المرض ومعاناة المصابين به·  
وهو ما لاحظناه على أحد الشبان الذي كان يصرخ من شدة الألم ولم يكن يقوى على الانتظار وسمح له الكل بالدخول حتى قبل أن يحين دوره، ودخل إلى تلك الغرفة المنزوية التي كان يزاول فيها المعالج طقوسه فازداد الصراخ بعد أن كوى المعالج الشعبي المناطق المقصودة وخرج الشاب مثلما دخل وهو لا يقوى على الحركة وكان يبكي من شدة الألم· عجوز أخرى سمعنا أناتها وصراخها المتواصل بعد أن كانت تكتوي بالنار في المناطق التي كانت تؤلمها على مستوى الأطراف وكانت تئن من شدة الوجع وخرجت على نفس الحالة·

أطباء يحذرون من العلاج الشعبي
يحذر الأطباء في كل مرة من العواقب الوخيمة التي يفرزها العلاج الشعبي على المرضى مما قد يؤدي إلى طول أمد المرض وتفاقمه بعد تكرار الحصص لدى المعالجين الشعبيين دون فائدة، فيتوجه المريض بعد يأسه إلى العيادات المتخصصة ولا يتم تدارك الإفرازات إلا بعد جهود كبيرة من طرف الأطباء المختصين لاسيما وأن اعتماد طريقة القطيع على الحرق أدى إلى عواقب وخيمة على صحة المريض لاسيما بعد اقتران الحرق مع العروق والشعور بآلام حادة تتضاعف بعد الخضوع إلى العملية وعن هذا أوضح الطبيب (ف لقمان) أنه وجب تفادي اللجوء إلى تلك الطرق الشعبية المعتمدة في العلاج كونها كثيرا ما أدت إلى كوارث صحية لا يتم تداركها من طرف الأطباء المختصين إلا بعد جهود معتبرة لاسيما وأن اعتماد طريقة الحرق أدت في الكثير من المرات إلى كوارث وتشوهات على مناطق متفرقة من الجسم وهي لا تتوافق البتة مع أمراض المفاصل التي لا يفك طلاسمها  إلا طبيب مختص في العظام، أما عرق النسا أو عرق لاسا كما يعرف فمن الأحسن زيارة المصابين به لطبيب مختص في الأعصاب والعروق وعرق النسا لتزويد المريض ببعض الأدوية والفيتامينات ويشفى في ظرف قصير عكس ما نجده في تتابع الحصص لدى المعالجين الشعبيين التي تؤدي إلى تفاقم الحالة وزيادة الأوجاع·