تطورات تفشي كورونا: بفحوص سريعة وتدابير صارمة نمنع ظهور موجة ثانية

  • PDF


أخبار اليوم ترصد تطورات تفشي كورونا:
بفحوص سريعة وتدابير صارمة نمنع ظهور موجة ثانية


رغم مرور تسعة أشهر على ظهور فيروس كورونا 19 لا يزال يصنع أحداث العالم في ظل مقاومة بشرية كثيفة تسعى إلى الحد من عدواه التي أصابت أكثر من 30 مليون فرد وخلف مليون ضحية حتى الآن.
سألنا طبيبين عن ما يختلج في نفوس الناس لا سيما وهُم في انتظار لقاح لهذا الفيروس الذي استقوى أخيرا وعاد في موجة ثانية في قارة أوروبا -حسب ما يتداول-.. نجمل تلك الأسئلة في ما يأتي:
- لا تزال كثير من الشعوب في جدل حاد مع حكوماتها بشأن تعاملها مع الوباء.. ما الأسباب الكامنة وراء ذلك؟
- كيف تفسر انخفاض عدد الإصابات بالفيروس أخيرا في الجزائر؟
- ما حقيقة الموجة الثانية لفيروس كورونا 19 حتى أن أوروبا تعتزم إغلاقا جديدا كاملا؟ وماذا تقترح لو ظهرت في الجزائر؟
- ترى بعض المختبرات العلمية استحالة إنتاج لقاحات كورونا 19 قبل شهر أبريل من العام المقبل.. ما رأيك؟
- ما رؤيتك لمنظومة صحية قوية للتصدي للأوبئة والأمراض المعدية؟
- ما رأيك في اعتماد منظمة الصحة العالمية نبات يوجد في مدغشقر لمقاومة فيروس كورونا ؟


الدكتور محمد الطاهر عيساني طبيب مختص في تشخيص الأمراض ومكون في الطب البيئي وعضو المجلس الوطني لأخلاقيات الطب ومدير سابق للصحة والسكان بولاية سكيكدة :
ينبغي اعتماد سياسة رائدة لتقوية المنظومة الصحية


إذا استثنينا الصين والمجتمعات الآسيوية المنضبطة في سلوكياتها صحيح هنالك ممانعة صارخة متباينة التأثير في التعامل مع جائحة  كورونا في دول العالم.. وهو ليس بالأمر الجديد حيث سجلت المنظمة العالمية للصحة أثناء تفشي وباء إيبولا عام 1976 في أفريقيا الغربية والتي شملت غينيا سيراليون وليبيريا وصنفت الوباء حينذاك بالوضعية الاستعجالية الصحية مع تردي المنظومة الصحية لهذه البلدان إلى جانب نقص الوعي والانضباط لدى السكان مما ولد حالة هلع و خوف عالمييين خوفا من انتشار الوباء إلى أرجاء المعمورة.. و حينذاك تدخلت السيدة مارغريت شان في 10 ديسمبر 2014 وقالت بالحرف الواحد: .. من الدروس المهمة التي تعلمناها في هذا الوباء هو قدرة المجتمعات على الانخراط في عمليات الوقاية من أخطار أمراض مُعدية أخرى مما يتطلب أولا قبول هذه المجتمعات وقابليتها لذلك ولا يتأتى هذا الأمر إالا بمجهود التعبئة من خلال فهم  هذه المجتمعات.. .
 هذا الجدل الاجتماعي والإعلامي بامتياز الذي شكل بؤرا معاكسة للتوجهات الاستراتيجية الوطنية عموما على شكل تجمعات ومسيرات وحوارات وتصريحات مربكة حول الجائحة بل هنالك زخم مثير للجدل على مستوى منصات التواصل الاجتماعي في العالم الأزرق فيس بوك و يوتيوب وما غذى هذا الجدل الحاد يمكن ادراجه في النقاط الآتية:
1- الجهل بفيروس كوفيد 19.
2- ضبابية وعدم وضوح توصيات المنظمة العالمية للصحة بل وتناقضها في بعض الأحيان. 
3- التوظيف السياسي والأمني للجائحة. 
4- التلاعب الإعلامي وانخراط اللوبيات الكبرى للأدوية.
5- انخراط المشعوذين والدجالين وبائعي الوهم ومن لهم مآرب سياسوية في الاستفادة من الوضعية. 
6- الانهيار الاقتصادي الوشيك لبعض الدول ثم  التبعات الاجتماعية و النفسية الصعبة لهذا الوباء.
قد يكون هنالك انكماش ظرفي لعدد الإصابات وهو إحساس كاذب لتقلص الوباء.. لأن الوباء يتنامى مرتفعا منكمشا على شكل أسنان المنشار بالمنظور الوبائي العالمي.. نحن نعايش في العالم حالات ارتفاع غير مسبوقة على مستوى دول أوروبا كإنجلترا فرنسا واسبانيا مع تزايد يحاكي أربع مرات بالمقارنة مع بداية الجائحة.. نلاحظ  تقلصا لحالات العدوى في الوطن منذ نهاية شهر أغسطس/أوت مع تزايد للحالات في نهاية شهر يوليو/جويلية وبداية شهر أغسطس/أوت.
الوضع في الجزائر ليس بالخطر المسجل في البلدان الغربية.. قد يكون للأمر تفاسير متعددة منها طبيعة طفرة الفيروس الوضعية المناعية للمواطن الجزائري ثم شساعة الوطن والكثافة السكانية وإجراءات الحَجْر المحلي لبعض الولايات ثم القرارات الفوقية الاستباقية التي يبدو أنها أتت أكلها.. لكن هذا لا يعني أبدا أننا في منأى كلي عن موجة عارمة ثانية قد تأتي على الأخضر و اليابس إذا تمادينا في سلوكات عدم احترام القواعد الوقائية.
الموجة الثانية هي حقيقة مسجلة في أوروبا الجنوبية الشرقية على مستوى ألبانيا بلغاريا منتنبجرو مقدونيا الشمالية ورومانيا حيث بدأ التعداد التصاعدي للحالات شهر أغسطس/أوت. أما كرواتيا اليونان وجزيرة مالطا فالعد التصاعدي بدأ تقريبا منذ أسبوع.. أما بلجيكا فرنسا إيطاليا واسبانيا فهي في منحنى تصاعدي كذلك لكن بأقل حدة.
لكن هذه الحقيقة السالفة يمكنها أن تكون كذلك نتاج مرتبط تتزايد تقنيات الاستكشافات.. وتبقى متابعة الأفراد الحاملين للعدوى ومحاصرة بؤر العدوى والحَجْر عليها الوسيلة الوحيدة المتوفرة الآن من أجل احتواء هذه الجائحة وطنيا وعالميا. 
الآجال المرتبطة بالبحث والاكتشاف والتجارب الصناعية والسريرية مع تحليلها وتقييمها ثم نشرها مع طلب الموافقة المبدئية على تسويقها ثم تقييمها والحصول على الموافقة النهائية لتوزيعها وبيعها لكل دول العالم.. هذه المراحل يصل تقييمها الزمني إلى سنتين على الأقل.. بمعنى أنه إذا كان لقاح فلن يكون قبل نهاية 2020.
جائحة كورونا صفعت كل المنظومات الصحية بما فيها منظومات الدول الكبرى.
المنظومة الصحية القوية هي المنظومة التي تتكفل بكل المواطنين وهي ذاتها التي تقدم النوعية العالية للخدمات ما يعني الفعالية وتطابق المعايير لهذه الخدمات مع المؤشرات العالمية ثم تأمين صحة المواطنين ومركزية المريض في الأداء الصحي ناهيك عن الكفاءة والديمومة لهذه المنظومة الصحية.. ما يعني اعتماد سياسة رائدة في قطاع الصحة ولا يتأتى ذلك إلا بمراجعة القوانين وتوفير الإمكانات وترقية الموارد البشرية ورقمنة الإعلام المؤسساتي والتسييري للملف الطبي والمؤشرات الصحية.


الدكتور رمزي  بوبشيش طبيب في الصحة العمومية بقسم الاستعجالات - باتنة :
على اللجنة العلمية ضبط احترازات شديدة قبل ظهور موجة ثانية لكورونا


تسعة أشهر من ظهور وباء فيروس كورونا  المستجد COVID 19 ورغم انتهاج الحكومات لسياسات صحية ووقائية لمواجهة خطر انتقاله إلا أن هذه الإجراءات وطريقة التعامل معه أثارت حفيظة الشعوب إذ لا يكف الكثير على انتقاد الحكومات لأسباب مختلفة من إجراءات الوقاية والوسائل المتاحة لها غير الكافية والتي لا فعالية لها في صد الوباء بعد مرور عدة أشهر والتي أثبتت فشلها.. ورغم ذلك لم يتم تغييرها.. كما تم توجيه انتقاد لضرورة الحَجْر الصحي داخل المنزل من دون ضرورة وقد أضر بالأسر ومعيشتها واقتصادها دون توفير بعض الحكومات لبدائل فعالة تقي هذه العائلات من ضرر فيروس كورونا الاقتصادي عليهم.. إضافة لتهكمهم على عدم الصرامة والجدية في تطبيق إجراءات الحَجْر الصحي الكامل مدة معينة وبطريقة شمولية بدل التنوع في فرض الحَجْر الصحي  بين كامل وجزئي. 
شهدت الأيام الماضية انخفاضا نسبيا وتدريجيا في عدد الإصابات بالجزائر مقارنة بالشهرين الماضيين اللذين شهدت فيهم الإصابات حدتها حيث بلغت عتبة 1000 إصابة.. ورغم أن أقاويل كثيرة تميل إلى أن عدد  معدل الاختبارات  البيولوجية PCR  غير الكافية مقارنة بعدد الإصابات سمح بتسجيل عدد إصابات أقل وهذا لا يعكس الحقيقة تماما فعدد الإصابات انحصر فعلا لعدة عوامل فالعنصر الشبابي لبلادنا لأكثر من 70 بالمئة ومع شدة انتشار العدوى سمحت مناعة هؤلاء بالتصدي للفيروس وللعدوى وتجاوزها مقارنة بكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة الذين فتك بهم الفيروس في الأشهر الماضية.. كما أن العدوى انتقلت للأغلبية لكن مقاومة أجسامهم للفيروس حال دون ظهور أعراضه عليهم وبالتالي نقص عدد الحالات المعلن عليها.. الاستمرار فى تطبيق الإجراءات الاحترازية والوقائية ومنع التجمعات والزحام كما أن الطفرة التي حدثت في الفيروس جعلته ضعيفا والإصابات في تراجع ومضاعفات الإصابة أقل حدة من ذى قبل.
مخاوف عديدة ومقلقة من حدوث موجة ثانية قد تضرب بلادنا أو غيرها من البلدان وحديث على أن ما يحدث في أوروبا حاليا وما تشهده من عودة الإصابات وارتفاعها يدخل في إطار الموجة الثانية لفيروس كورونا المستجد.. فهو لم ينته بعد ولا تزال بعض البلدان تتعامل مع التفشي الكبير للوباء خصوصا في أمريكا الجنوبية.
حتمية موجة ثانية من عدمها لم تتحدد بعد في ظل غياب تعريف رسمي علمي لمفهوم الموجة الثانية والشروط التي يمكن أن تتحقق حتى يمكننا اصطلاح مفهوم موجة ثانية إذ يقول   الدكتور مايك تيلديسلي من جامعة وارويك:(.. إن الأمر ليس علميا بشكل خاص فكيفية تعريف الموجة يتم بشكل اعتباطي _ ويصف البعض أي ارتفاع باعتباره موجة ثانية لكنها غالبا ما تكون موجة أولى صعبة. ويحدث هذا في بعض الولايات المتحدة الأمريكية..).
وكي نقول إن موجة واحدة انتهت يكون الفيروس تحت السيطرة وتتراجع الحالات بشكل كبير.
ولبدء موجة ثانية ستحتاج إلى ارتفاع مستمر في العدوى ولا تعد نيوزيلندا التي تعاني من حالاتها الأولى بعد 24 يوما بدون فيروس كورونا ولا بكين التي تواجه تفشي المرض بعد 50 يوما خالية من الفيروس في هذا الوضع..
لكن بعض العلماء يجادلون بأن إيران قد بدأت في تحقيق معايير الموجة الثانية.
الجزائر كغيرها من البلدان ليست بعيدة أيضا من احتمالية تعرضها لموجة ثانية فبلادنا نجحت نوعا ما في التصدي لأثر الموجة الأولى مقارنة ببلدان أخرى ورغم هذا فلا بد على اللجنة العلمية أن تضع احترازها بخصوص وجود موجة ثانية وهذه المرة يتطلب إجراء حَجْر صحي كامل قصير الأمد مع توفير كافة البدائل لنجاحه لتفادي هفوات الحَجْر الصحي الجزئي المتذبذب مع إجراء فحوصات بيولوجية بسرعة أكبر لحصر وتحديد بؤر الوباء قبل انتشار العدوى لمناطق أخرى.. وبهذا الإجراء يمكن تجاوز حدوث موجة ثانية دون حدة أو آثار صحية واقتصادية قاسية.
الجزائر من البلدان الأفريقية الناجحة في مجال الصحة العمومية والطب الوقائي فقد نجحت في القضاء على العديد من الأمراض المُعدية كالملاريا التي نالت بشأنها شهادة من منظمة الصحة العالمية.. كما أن برنامج التلقيح التي فرضته الدولة من خلال رزنامة تلقيح منذ الولادة سمح بالقضاء والوقاية من العديد من الأمراض المُعدية  وحال دون وجودها ورجوعها.. ورغم كل هذا فإننا نحتاج منظومة صحية قوية ببنية تحية شاملة لكافة مناطق الوطن مع وجود تكنولوجيا طبية مسايرة للعصر الحديث.. وقد تم أخيرا تشكيل الوكالة الوطنية للأمن الصحي وتعيين البروفيسور الشهير كمال صنهاجي على رأسها آملين أن تجسد هذه الوكالة طموح تأسيس منظومة صحية قوية قادرة على مواجهة مختلف الأزمات الصحية والأوبئة خصوصا بعد عرت موجة وباء فيروس كورونا المستجد العديد من المنظومات الصحية وأكدت عجزها.
عام 2020 شارف على الانتهاء والذي رافقته موجة شديدة من وباء فيروس كورونا المستجد ورغم ذلك عجزت المختبرات العلمية على إنتاج لقاح ضده.. وتضارب حول إمكانية إنتاجه بصفة نهائية في أواخر العام الحالي أو بداية عام 2021 إذ أن هناك من ذهب إلى إمكانية إنتاجه إلى ما بعد شهر مارس 2021 إذ أنه حتى الآن لم يتم التوصل لمرحلة الإنتاج الفعلي على أرض الواقع للقاح الروسى الخاص بفيروس كورونا المستجد كوفيد19 والذي تم  من خلاله  إجراء تجارب على بعض البشر وجاءت نتائجه فعالة.ولكن لن يكون متاحا لكل الأفراد بل سيتم تجريبه فقط على أفراد معينين وفئة مستهدفة ولكن من المستحيل أن يتوفر لدى المواطنين العاديين أو إعطائه للطلاب فى المدارس وغيرهم إلى غاية نهاية عام 2021 على أقل تقدير في حالة ما تم انتاجه بداية عام 2021.
مع بطء إنتاج اللقاح المضاد ضد فيروس كورونا المستجد أقرت منظمة الصحة العالمية أخيرا وشجعت على إجراء التجارب حول النباتات والأعشاب في مختلف مناطق العالم رغم أنها حذرت سابقا دولة مدغشقر الذي عرضت نبات الشيح الحولي التي تقول إنها طورته ليكون علاجا ضد فيروس كورونا.. وتحفظ منظمة الصحة العالمية  عليه لأنه لم يخضع لتجارب علمية مؤسسة ومعترف بها على صعيد البحث العلمي الطبي والعلاجي.
ونحن بصفتنا أطباء في الميدان نشجع اي خطوة وبصيص أمل يخرجنا من وباء فيروس  كورونا وخصوصا  في مجال النباتات والأعشاب باعتبار أن الأصل الأولي للأدوية من النباتات شرط أن تخضع التجارب على هذه النباتات لتجارب علمية  وبحثية مؤسسة على أساس علمي متين بدراسة فعالية النبتة ومبدإ عملها واحتمالية أي آثار جانبية لها غير مرغوب فيها وقد تؤثر على صحة المريض.