هكذا أمضى أطفال غزة عيدهم

  • PDF

عيدٌ ثانِ لم يقرع باب عمر وأمير··
حل العيد يلف خاصرته على مشارف غزة بعد حرب ضروس وعيد سبقه خجل من المرور على هذه الحدود، يحاول طرق أبواب المنازل إن وجد ويلتف نحو طريق آخر حينما يجد بيوتا بلا أبواب·
قبل عام تماما احتضنت جدران المنزل المتهالكة أحلام أطفالٍ صغار وأمنيات عائلة تنعم بالسعادة والرخاء، لم يكن جداراً أصماً، بل كان مساحة تنصب من الأرض حتى السماء، على النافذة راقب عُمر وجه الصباح ليبدأ العيد ويتناول الحلوى كما يحلو له بينما يرقد أمير في سريره الصغير ويضحك لوجه أمه يخبرها _ عيدك مبارك _·

العدوان أحرق ملابس العيد
الغرفة التي كانت تعج بالألوان والألعاب تحوّلت إلى دمار، تحن الجدران إلى أصوات الصغيرين فيها إلى بكائهما وضحكاتهما، ما لا يفهمه الطفلان عمر وأمير أنهما سيقضيان عيداً مختلفاً حيث فقدا منزلهما وغرفة نومهما وملابسهما وألعابهما وفقدوا العيد بذاته·
بالكاد توقف عُمر عن اللعب في سيارته وقبل الحديث معنا، بمجرد أن تسأله ماذا حدث سيخبرك جملة واحدة _ بيتنا انقصف _ ويضحك كثيراً، عُمر سعيد بالعيد لأنه عيده الأول الذي قضاه في رياض الأطفال وكيف لطفل صغير أن يأبه لحرب أو دمار أو حتى فقدان منزل·
ويحل عيد الأضحى المبارك من جديد وبين طياته يحمل شيئا من الوجع لتغير الحال ولكن يبدو أن الله وحده يرعى مثل هذه الانقلابات وأنه وحده أيضاً يستطيع أن يعيد نفساً إلى سيرتها الأولى فيحل الرضا طيفاً على قلب هذه العشرينية لتقول بمرارة: (الحمد لله، حالنا مستورة، وعوضنا في الجنة إن شاء الله)·
وبرغم هذا الوجع الليلي كان ثمة بصيص، هو نور غير مرئي يضيء في وسط العتمة المطبقة، فترتسم على ملامح هاجر ابتسامة تحدي ولو أن عيناً تستطيع أن تخترق الأبعاد لتنظر ما خلف القلوب لرأت وهجاً خفيفاً يتسرب إلى القلب الذي يقول بفخر: (سأشتري الملابس من جديد، وسأحضر لأطفالي ألعاباً، نحن سنحتفل بالعيد)·
تماماً لولا هذه المصابيح القوية التي تضيء القلوب لما استطاع الغزيون مواصلة الحياة بعد حرب أكلت الأخضر واليابس، والتي شهدت تضرر 39.500 منزل و 14.667 ذات الضرر الجزئي بينما وصل عدد المنازل المدمرة دماراً كليا إلى 2.465 منزل وعلى أثر ذلك بقي 100.000 شخص بلا مأوى وذلك حسب إحصائيات المرصد الأورمتوسطي·