سعيد بن جبير والحجاج·· أروع العبر

  • PDF

قال أبو بكر الهذلي: لما دخل سعيد بن جبير على الحجاج قام بين يديه، فقال له: أعوذ منك بما استعاذت به مريم ابنة عمران، حيث قالت: أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً · فقال له الحجاج: ما اسمك؟ قال: سعيد بن جبير· قال: شقي بن كسير· قال: أمي أعلم باسمي· قال: شقيت وشقيت أمك· قال: الغيب يعلمه غيرك· قال: لأوردنك حياض الموت· قال: أصابت إذن أمي· قال: فما تقول في محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال: نبي ختم الله تعالى به الرسل، وصدق به الوحي وأنقذ به من الهلكة، إمام هدى ونبي رحمة· قال: فما تقول في الخلفاء؟ قال: لست عليهم بوكيل، إنما استحفظت أمر ديني· قال: فأيهم أحب إليك؟ قال: أحسنهم خلقاً، وأرضاهم لخالقه، وأشدهم فرقاً· قال: فما تقول في علي وعثمان؟ أفي الجنة هما أم في النار؟ قال: لو دخلتهما فرأيت أهلهما إذا لأخبرتك، فما سؤالك عن أمر غيب عنك؟ قال: فما تقول في عبدالملك بن مروان؟ قال: مالك تسألني عن امرئ أنت واحدة من ذنوبه!! قال: فما لك لم تضحك قط؟ قال: لم أر ما يضحك، وكيف يضحك من خلق من تراب، وإلى التراب يعود؟! قال: فإني أضحك من اللهو· قال: ليس القلوب سواء! قال: فهل رأيت من اللهو شيئًا؟ ودعا بالناي والعود، فلما نُفخ بالناي بكى، قال: ما يبكيك؟ قال: ذكرني يوم ينفخ في الصور، فأما هذا العود فمن نبات الأرض، وعسى أن يكون قد قطع من غير حقه، وأما هذه المغاش والأوتار فإنها سيبعثها الله معك يوم القيامة· قال: إني قاتلك· قال: إن الله عز وجل قد وقّت لي وقتاً أنا بالغه، فإن يكن أجلي قد حضر فهو أمر قد فرغ منه، ولا محيص عنه، وإن تكن العافية، فالله تعالى أولى بها· قال: اذهبوا به فاقتلوه· قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، استحفظكها يا حجاج حتى ألقاك يوم القيامة، فلما تولوا به ليقتلوه ضحك· قال له الحجاج: ما أضحكك؟ قال: عجبت من جرأتك على الله وحلم الله جل وعلا عنك، ثم استقبل القبلة، وقال وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين· قال: افتلوه عن القبلة· قال: فأينما تولوا فثم وجه الله، إن الله واسع عليم·

* عن منتديات