لا تجعلوا من الحمقى مشاهير..

  • PDF

بمتابعتكم لهم.. ونشر تفاهاتهم 
لا تجعلوا من الحمقى مشاهير..

* بايرون: في سبيل الشهرة تحب الحماقة الموت

بقلم: الشيخ أبو اسماعيل خليفة

ليس من أخلاقنا ومبادئنا أن لا نعطي الكبير سنا أو علما أو مسؤولية حقه من الاحترام والتقدير قال صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لا يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا . رواه أبو داود والترمذي ولكن عند ما يتطاول الصغار على الكبار ويظهر الأقزام قوتهم أمام العمالقة ظانين أنهم يعطون لأنفسهم أدواراً في مسيرة الحياة ويحسبون أنهم يحسنون صنعا نقول: إنها لحماقة ما بعدها حماقة بل إنها قمّة العقوق. 
وقديما قال الشاعر الإنجليزي بايرون: في سبيل الشهرة تحب الحماقة الموت . قال ذلك في مطلع القرن التاسع عشر قبل ابتكار أجهزة الكمبيوتر والإنترنت وتطبيقاتهما الاجتماعية. فكيف لو رآى هذه الظاهرة المنحرفة هنا وهناك عند بعض الحمقى للحُصول على السُّمعة والشهرة بما لا يملكون وراجعوا بعض المنشورات على صفحات التواصل الإجتماعي والفيديوهات على اليوتيوب لتروا عجبا وإن كنت أنزّه أسماعكم عن مثل تلك الحماقات..
للأسف واقع يعيشه بعض الغوغائيين وما أحسب بعضهم إلا كالذي تبول في بئر زمزم فسجله التأريخ رمزاً للسخافة والخَرَق تلك الحادثة الشهيرة التي يُروى أنها وقعت أثناء الحج في زمان رواها الإمام ابن الجوزي رحمه الله.
قال: بينما الحجاج يطوفون بالكعبة ويغرفون الماء من بئر زمزم قام أعرابي فحسر عن ثوبه ثم بال في البئر والناس ينظرون.
فما كان من الحُجّاج إلا أن انهالوا عليه بالضرب حتى كاد يموت وخلّصه الحرس منهم وجاؤوا به إلى والي مكة.
فقال له: قبّحك الله. لِمَ فعلت هذا؟
قال الأعرابي: حتى يعرفني الناس يقولون: هذا فلان الذي بال في بئر زمزم!.
وهذه القصة تشابه ما ورد في سير الذهبي حيث جاء: عند ما صنف الخطيب البغدادي كتابه تاريخ بغداد وسمعت به الدنيا كان هناك رجلٌ يسمى ابن القفطي من كبراء فقهاء الحنابلة فلما سمع بالكتاب قال هل ذكرني الخطيب في كتابه في الثقات أم في الضعفاء؟ قالوا والله ما ذكرك لا في الثقات وفي الضعفاء. قال ليته ذكرني ولو في الكذابين! ليته ذكرني ولو في الكذابين!
للأسف.. وعلى منهج  ابن القفطي وخطى ذلك الأعرابي عمد كثير من هواة الصعود الصاروخي إلى قمم الشهرة والإثارة والمتابعة الإعلامية في الدوس على القيم المحترمة والمبادئ المعتبرة والفطر السليمة بغية أن يقول الناس: هذا ما قاله فلان أو هذه فعلة علّان المعروف أو من هنا مرّ فلان المشهور ولا يهتمّ بعدها بالدعاء أو الشتم أو التأسف أو الحوقلة أو غيرها من أساليب العجب والاستغراب.. ولا يبالي بعدها أذُكر مع الحمقى أو الكذابين؟.
أحبتي: رفع الله قدركم ومقداركم أمثال هذه الأمور والأفعال أو الطفرات لا يسلكها إلا من به نقص ويحاول تعويضه بالنظر لما لدى الآخرين وهي كنفخة كذابة ونفشة ريش لا تغدو أن يصيبها البلل ومن يرفع هامته إلى أعلى مما يجب لا بد وان يقع منتكسا وتنكسر رقبته فهيهات ثم هيهات أن تفلح الأقزام في أن تطول أغصان الأشجار الباسقة.
فيا رحمني الله وإياكم ـ لا تجعلوا من حمقى سوشيال ميديا ـ مواقع التواصل الاجتماعية المعروفةـ مشاهير بمتابعتكم لهم ونشر تفاهاتهم ليصعدوا على ظهوركم بعرض حياتهم المصطنعة وإعلاناتهم الزائفة التي تثير الرأي العام وتسهم بشكل مباشر في انحدار الذائقة الجمالية والذوق العام والأخلاق لأجيالنا الناشئة الذين يتهافتون على متابعتهم ويصنعون منهم قدوات..  فكفوا عن دعمهم ولو بالتجاهل وأميتوا الباطل بهجره وأحيوا الحق بذكره..
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من المتخلقين بأخلاق الإسلام المتأدبين بآدابه وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه..