إيمان هذلي : أسعدني إتمام رواية غير شرعي أثناء الحَجْر الصحي

  • PDF

الكاتبة إيمان هذلي في حديث لـ أخبار اليوم :
أسعدني إتمام رواية غير شرعي أثناء الحَجْر الصحي

ـ يجب أن تكون أسماء الشخصيات مطابقة للشخصية في مكوناتها وصفاتها 
ـ الرواية تحتاج دقة الوصف وتعد أحسن سينما 
ـ ينتج عن التفاعل (الزماني-المكاني) في الرواية منظومة سردية تنتظم في الشكل الذي تم اختياره لتقديم الأحداث والأفراد وتفاعلاتهم النفسية والحركية
ـ بدأت مشواري بالكتابة للطفل 
ـ غير شرعي تتناول ملاحقة ظالمة من مجتمع ينظر للطفل المجهول على أنه مذنب وليس ضحية 

حوار: جـمال بوزيان

ضيفة عدد اليوم من ولاية سكيكدة حاصلة على شهادة ليسانس تخصص ترجمة وأيضا شهادة في تخصص قانون الأعمال ولديها شهادات في التنمية البشرية وتطوير الذات..عملت أستاذة في الطورين  التعليميين الابتدائي والمتوسط.. واشتغلت بـ شركة سامسونغ الكورية في مجالي الترجمة والإدارة مدة ثلاث سنوات ثم مدة أربع سنوات بـ شركة كوسيدار الوطنية في المجال الإداري.
تَرَى أنالكِتاب رفيقها منذ الصغر بـحُكم نشأتها وسط أُسرة مثقفة بدءًا بجدها رحمه الله فقد كان إماما وخطيبا ولحرص أُمِّها على وجود مكتبةفي المنزل للمطالعة.
قرأت لمحمد ديب نجيب محفوظ الرّافعي الجاحظ وكل هؤلاء يُعدون نهرا جاريا نهلت من كتاباتهم كما تستهويها القراءة لأحلام مستغانمي ونزار قباني.. هي كاتبة قصص وروايات تهتم كثيرا بأدب الطفل.
في هذا اللقاء طرحت مجموعة أسئلة تجيب عنها ضيفة أخبار اليوم الكاتبة إيمان هذلي.

* بدايةً ما قصَّتكِ مع الكتابة؟ 
ـ كانت لي محاولات كثيرة منذ طور التعليم الابتدائي اطلعت عليها زميلاتي بالمدرسة ونالت إعجابهن
هلْ تَذكُرين أوَّل ما كتبتِ؟ 
أتذكّر حين كتبت مجموعتي القصصية للأطفال احكِ لي سردتها على أمي وشقيقي الصغير وكنا جالسين في غرفة الضيوف فأعجبا كثيرا بما كتبت.. بعد ذلك عرضتُها على الكاتب الدكتور عبد القادر نطّور وهنّأني بها كما أهداني كِتابافي أدب الطفل.
لكن لم تكن لديّ معرفة تامّة بكيفيّة النشر وبقي الوضع على حاله حتى أتيحت خدمة الإنترنت فبحثت على دور نشر وبعد تواصلي مع بعضها وقع اختياري على دار المثقف للنشر والتوزيع وكان ذلك خلال شهر جويلية العام الفارط.  
لِماذا اخترتِ كتابة القصَّة والرِّواية؟ 
لديَّ مجموعة كبيرة بقيت حبيسة الأدراج مدة عشر سنوات لأسباب عدة منها نقص الدعم لم تكن هناك مساندة من طرف أصحاب الخبرة تركيزي على الجانب الدراسي ثم المهني.. ميولي للقصة كان منذ طور التعليم الابتدائي كنت أعشق القصص والمطالعة وتبهرنيالرسومات والألوان.. أحب رؤية مكتبتي الصغيرة التي في غرفة نومي مكتظة بالكتب والقصص.. بعد ذلك بدأت بالبروز في الصف الثالث كل عامبمناسبة يوم العلم الموافق 16 أبريل.. لديَّ عمل حتى أني في السنة السادسة قمت بتصميم مجلة تحوي قصصا قصيرة وقصة طويلة بالكاريكاتير ومعلومات متنوعة نالت إعجاب المعلمين والمراقبين ثم انقطعت عن الكتابة لكن لم أنقطع عن المطالعة فالكتب توأم روحي وهذا بسبب الدراسة وتحصيل الشهادات ثم العمل بدوامين يعني كنت أعمل حتى يومي عطلة الأسبوع..إلى أن كُتب عليّ أن أمرض وألزم الفراش حينذاك فقط بدأت بمراجعة نفسي فتذكرت أنني لم أحقق حلم حياتي وهو شغفي.. بمجرد استعادتي لعافيتي قصدت دار النشر وظهرت قصصي من الأدراج لتدخل بيوتا تستأنس حيطانها بأصوات الملائكة.. فأنا من النوع الهادئ الذي لا يعبر إلا بالقلم ثم توجهت للرواية الخواطر والشعر.          
كيْف تَختارين أسماء وملامح شخصيات قصصكِ ورواياتكِ؟ 
يجب أن تكون الشخصيات في أي عمل قصصي أو روائي مطابقة للشخصية بمعنى أن الاسم يجب أن يشبه الشخصية في مكوناتها وصفاتها وبالتالي يكسبها قوة.. مثل اسم بطلة روايتي وردة ففي فترة التسعينيات كان ذلك الاسم متداولا كثيرا خاصة بالعاصمة والسبب الثاني راجع إلى أنها فعلا كانت وردة بجمالها ورقّتها لكن في الوقت ذاته عندما شعرت بالخطر أخرجت الشوك واستعملته ضدّ كل شخص يحاول أذيّتها فانقدت نفسها وبنتيْها. 
يجب أن تكون أسماء الشخصيات مطابقة للشخصية بمعنى أن الاسم يجب أن يشبه الشخصية في مكوناتها وصفاتها وبالتالي يكسبها قوة.
وربما يساعد ذلك في نقش تلك الشخصية بعمق في ذهن القارئ الذي يطالع النص بعد ذلك فلا تضيع منه أثناء التوغل في القراءة وظهور شخصيات أخرى متعددة ولا يحتاج إلى الرجوع بين حين وآخر إلى الصفحات الأولى ليتذكر عمن يتكلم السارد.
أيضا يجب أن يكون الاسم في نظري له إيقاعه الخاص وملائما لبيئة الحكي وزمنه. فلا يمكن أن تكتب مثلا اسما لفتاة اسمها نانا أو أحلام ورجلا اسمه سامي أو منير في رواية تدور أحداثها في القرن التاسع عشر.. وفي الوقت عينه لا يمكنك استخدام أسماء ذلك الزمان في نص تدور أحداثه في الوقت الحاضر.
دون شكّ يَعتمد الكُتَّاب على شخصيات رمزيَّة.. حَدِّثينا عنِ اختياراتكِ وعنِ الزَّمان والمكان.
أثارت الرّواية مواضيع ثانوية مثل أطفال متلازمة داون و دراسة الفتاة في الخارج وهي بنت بطلة الرواية التي بحدّ ذاتها نتيجة علاقة غير شرعية وهو الموضوع الأساسي مما جعلها تعيش حياة مليئة بالأحداث تتخبّط بين نظرات المجتمع من جهة والظروف الأمنية والاجتماعية الصّعبة المعاشة آنذاك من جهة. 
مزجت حياة بطلة الرواية وردة بكل عثراتها مع تاريخ الجزائر بكل أزمتها وجعلت منهما يعيشان حيوات في كل مرة يطعن فيها أحدهما يقاوم ويحيا من جديد لمواجهة تحديات حياة ثانية هناك تصاعد في الأحداث والمفاجآت غير المتوقعة فجاء السرد عذبا بهيا تداخلت الشخصيات مع الثقافة السائدة آنذاك في سنوات التسعينيات وهو الزمان بالأحياء العتيقة بالعاصمة..فتعود بك الذاكرة وتعيش كل جملة واردة بالرواية.
يمثل المكان في الرواية عنصرا مهما من عناصر السرد الروائي لأنه الفضاء الأفقي للنص حيث تدور الأحداث ويتحرك الأبطال وتتضح معالم شخصياتهم وتتحول وينتج عن التفاعل (الزماني-المكاني) منظومة سردية تنتظم في الشكل الروائي الذي تم اختياره لتقديم الأحداث والأشخاص وتفاعلاتهم النفسية والحركية مع المكان. وللمكان أهميته في الدراسات الأدبية جعلت غالب هلسا يقول: ..إن العمل الأدبي حين يفتقد المكانية فهو يفقد خصوصيته وبالتالي أصالته.. وعبّر ياسين النصير قائلا : .. إن المكان دون سواه يثير إحساسا ما بالمواطنة وإحساسا آخر بالزمن والمخيلة حتى لنحسبه الكيان الذي لا يحدث شيء بدونه.. ويعرف ياسين النصر المكان بأنه: .. الكيان الاجتماعي الذي يحتوي على خلاصة التفاعل بين الإنسان ومجتمعه ولذا فشأنه شأن أي نتاج اجتماعي آخر يحمل جزءاً من أخلاقية وأفكار ووعي ساكنيه.. .
أما المكان الأدبي كما يرى الدكتور عبد الملك مرتاض: .. عالم بلا حدود وبحر دون ساحل وليل دون صباح إنه امتداد مستمر مفتوح على جميع الاتجاهات وفي كل الآفاق.. .
– ذكرت في روايتي السوق وقمت بوصفه تماما مثلما هو على أرض الواقع وربطته بالزمان وهو التحضير للمولد النبوي الشريف فكان تداخلا سرديا سلسا يدعونا دعوة حميمية إلى استرجاع الذاكرة ذاكرة المكان خصوصا أولئك الذين عايشوا الظرفية التي تؤرخ لفترة التسعينيات والظروف الاجتماعية الدينية والأمنية  المحاطة بها.
المطار: تمثل قاعة المطار لدى العائد أولى محطات الفرح والسرور في الوطن البيت الكبير الذي يعيش فيه الإنسان وفيه يستريح فختمت بها روايتي ختمتها بفرحة الرّجوع ولمّ الشمل في الوقت ذاته تلوح في الأفق تعدّد مفترقات الطرق لبطلة القصة وأول مرة بعد أن قضّت حياتها تحت سواط الإكراه.  
كَمِ استغرقتِ في كتابة مجموعتكِ القصصيَّة وروايتكِ؟ 
عام لكل عمل فقط للكتابة يعني دون الانشغال بعمل آخر فالكتابة على قدر المطالعة تحتاج لتركيز وتمعّن وجهد كبير في سبك الحبكة المقدمة والخاتمة توالي الأحداث والتشويق اللّامتناهي والأكثر من هذا الرواية تحتاج للدقة في الوصف فأحسن سينما هي الرواية التي يُحسن الراوي فيها وصف كل ركن كل شخصية وكل لقطة.
هلْ تَنعزلين لذلك أَمْ لكِ أسلوب آخر؟ 
أجل أفضل الانعزال أجمل فترة مرت عليَّ وأنا أكتب هي فترة الحَجْر الصحي حيث أتممت تأليف الرواية الاجتماعية غير شرعي .
هلْ كتبتِ قصصًا للأطفال؟
أجل بدأت مشواري بالكتابة للطفل أدب الطفل من أصعب الآداب على الإطلاق.
فنحن نتوجه للشريحة الحساسة في المجتمع فوجب علينا اختيار الألفاظ الملائمة في النص والعناية بالأفكار المطروحة وتجنب الأخطاء اللغوية التي ترسخ بذهن الطفل وهذا خطِر على عكس ما يحدث مع الكبار فهم يصححونها مباشرة.
هلْ شاركتِ في ملتقيات أدبيَّة ومَعارِض كُتُب ؟ 
حضرت المعرض الدولي للكِتاب سيلا عام 2019 وهي تجربة رائعة.. الحمد لله كان فيه اهتمام بكُتاب قصص الأطفال.. وكانت لي مقابلات مع قنوات الجزائرية واحد و قناة الهقار و صحيفة الوطن ..وكنت ضيفة شرف لـ منصة كُتاب سكيكدة في الجامعة بصفتي كاتبة ومتحدثة تحفيزية لأكثر من مرّة وأيضا تلقيت دعوة من جمعية سيد للنساء الملهمات أثناء عيد المرأة يوم الثامن من مارس وهي تجربة ناجحة جدا أن يدرج اسمك ضمن قائمة الملهمين..وتلقيت دعوات أخرى كـ ميلة تقرأ بولاية ميلة وأم البواقي البليدة.. وغيرها.
والمُسابَقات الأدبيَّة؟ 
شاركت بمسابقة مجلة يولاند بقصة موسومة الأرض المفقودة عدا ذلك لم أهتم كثيرا بالمسابقات ربما لاحقا إن شاء الله.
ما نشاطاتكِ في النَّوادي والجمعيَّات الثَّقافيَّة؟ 
مُنظمّة للأكاديمية الوطنية لترقية المجتمع المدني وتعزيز الوحدة الوطنية لولاية سكيكدة بصفتي مشرفة على النشاطات التربوية أشرفت إثرها على العديد من النشاطات كإقامة مسابقات خلال الحَجر الصحي وسننظم معرضا للكِتاب قريبا بإذن الله.
هلْ نشرتِ مُؤلَّفاتكِ على نفقتكِ؟
أجل كل دور النشر هنا بالجزائر تنشر الكتب على حساب المؤلّف وتسمى بعقد على نفقة الكاتب.
ماذا تَتناول روايتكِ غير شرعيّ ؟ 
تتناول روايتي غير شرعي لقاء مع طبيب ألماني بالعاصمة الجزائرية خلال العشرية السوداء سيقلب حياة امرأة ويفتح بوابة أمل مخادع لا يلبث أن يتحوّل لخيبة كبرى بعد سلسلة خيبات عاشتها بسبب ملاحقة ظالمة من مجتمع ينظر للطفل غير الشرعي على أنه مذنب وليس ضحية لكن للقدر كلمته العليا وقد ينتصر للضعفاء في مواقف يُعتقد أن النجاة منها مستحيلة ومصيرها في خضم أزمة أمنية وشخصية وروحية توغّلت فيها رفقة بنتيها.
وما ظروف كتابتها؟
كتبتها تزامنا مع احتكاكي بعالم الطفل والتركيز على صنع محتوى ثري له وتجاوب الأولياء لذلك هذا جعلني أفكر في اليتامى على العموم والأطفال غير الشرعيين خاصة كيفيمضون أيامهم وكيف ينامون؟ وهل تُسرد عليهم قصص ما قبل النوم؟ وهل يُحضنون كلما استفاقوا صباحا؟ وهل يتمنون لو يوما يعود آباؤهم أكيد أن هناك خنجرا مدسوسا في خافقهم خنجر أنا لا أريدك فأنت خطيئة! .
للأسف أضحينا نسمع عن الكثير من الجرائم المرتكبة في حق الشرائح الهشة في المجتمع وتفشت الجريمة والعنف بكثرة.. وَقائِع وزمن الرّواية كانت ما قبلالعشرية السوداء إلى غاية وقتنا الحالي أعماق أزقة العاصمة الجزائرية بالتحديد بلكور .
ما الحقائق الَّتي عَرضتِها؟ 
تطرَّقت الرّواية إلى العقلية السائدة في فترة العشرية السوداء مُركِّزة على فئات من المجتمع كمصير الأبناء غير الشرعيين ونظرة المجتمع لهم واستندَت لتوضيح الفكرة على قصة واقعية بقليل من الخيال لأكثر إثارة وإلمام بجزئيات الأحداث وتبلورها..تعد بلكور من أقدم الأحياء الشعبية للعاصمة وقد شهدت أحداثا ومشكلاتأُسرية أمنية واجتماعية كثيرة طرحتها في شكل سرديّ توعوي.
رفعت الستار عن حقائق وطرحتها بشكل موضوعي بعيدة كل البعد عن المعتقدات والآراء حولها منذ عقود لا نعرف حتى مصدرها ولما أصبحت قانونا في مجتمعاتنا وجب إتباعه فبطلة القصة شخصية ذكية جدا.  تطرح الأسئلة وتصل بنا لحقائق في كل موقف تقف عنده وقفة تأمل كما أنها تمنت لو كانت بجانب آسيا جبار وغيرها من النّساء الملهمات.
قمت بتعرية الحقائق التي نعيشها غير العادية التي أصبحت عادية لفرط الأحكام العشوائية.. فكل ما هو أقل إجحاف وكل ما هو أكثر فجورا!.
لطفًا اتحفي القرَّاء بِمُقتطَف مِنها.
هذا مقتطف عندما أدركت بطلة القصة أنه حان الوقت للنهوض وعدم الاستسلام:
(.. جندت كل خلية فيها كل نسمة عطرة في روحهاكل نوتة انتفضت وخرجت منها كجيش كاسح أنثى إن خذلت انهارت ثم قامت وتوعدت دونت بعدها طبقت وعدت نفسها بأن تكتفي بنفسها فتسبح في البحر الهائج وتصنع من الأمواج مخرجا لها تغوص في الأعماق ولا ترى إلا مرجانا وياقوتا ثم تتوجه إلى الشاطئ فتستلقي على الرمل وتستعصم الشمس على خدمتها فتدفء جسمها وتسدل شعرها الرطب على الأصداف البراقة الهاربة من عباب الشوق وحكايا العشاق في المسايا السرمديةلتعزف في أذنيها نوتة الاكتفاء الذاتي الشذية..).

..يتبع..