السفير المصري الأسبق : أتوقع ردة عربية إيجابية لصالح القضية الفلسطينية الجزء الثاني

السبت, 20 مارس 2021

السفير المصري الأسبق الدكتور عبد الله الأشعل في حديث حصري لـ أخبار اليوم :
أتوقع ردة عربية إيجابية لصالح القضية الفلسطينية

الملعب العربي ملعب مستباح لكل شيء.. وقد تتفق إيران و إسرائيل على اقتسام المنطقة العربية
واشنطن جعلت من العواصم العربية الثنائيات المنفصلة وجففت منابع العمل العربي وصارت إسرائيل تمنح خِطاب الضمان لأمريكا 
من رضيتْ عنه إسرائيل فقد رضي عنه البيت الأبيض
الولايات الـمتحدة الأمريكية تحارب الجميع ما داموا ضد أهدافها ولا تميز بين عرب وفُرس وسُنَّة وشِيعة
الحوار بين السُّنَّة و الشِّيعة ليس هدفه تقريب المذاهب كما كان يدعو إليه الأزهر الشريف وإنما الهدف منه بيان أن اختلاف السُّنَّة و الشِّيعة أفرزه التنوع في الفكر الإسلامي
يمكن لأي بلد عربي له معاهدة مع إسرائيل التخلص منها بيسر حين استرداد الدولة لإرادتها
الدراسات القانونية والدستورية في العالَم العربي والإسلامي ضعيفة بسبب ضعف المنهجية

الجزء الثاني
حوار: جـمال بوزيان

يزخر العالَم العربي بكفاءات كثيرة قادرة على تحمل المسؤوليات وقيادة الأوطان إلى بر الأمان عبر مشروعات واقعية يسيرة التنفيذ في ظل أوضاع خطِرة تعصف بمجتمعات ودول الأمة العربية.
من بين تلك الطاقات الدكتور عبد الله الأشعل..حاصل على شهادة دكتوراه الدولة في القانون والعلاقات الدولية من جامعة باريس وحائز على شهادات ودرجات علمية من جامعات دولية..هو مفكر وأكاديمي سياسي بارز ودبلوماسي وأستاذ القانون الدولي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة ومُحام ومُحكِّم دولي.. شغل منصب مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون القانونية والمعاهدات والتخطيط السياسي وتولى منصب سفير وشغل منصب المستشار القانوني لـ منظمة التعاون الإسلامي ..وله نشاطات بحثية وتعليمية كثيفة فقد شغل أستاذا زائرا بجامعات مصرية وعربية وأفريقية وغيرها وأشرف على رسائل علمية ودورات تدريبية متخصصة.. ترشح للانتخابات الرئاسية في مصر عام 2012 م.
الدكتور الأشعل من بين الخبراء الذين يجيدون تشريح القضية الفلسطينية بكل أبعادها السياسية وتفاصيلها القانونية وأتون الصراع العربي الإسرائيلي .
له أكثر من 70 مُؤلَّفًا باللسان العربي والإنكليزي والفرنسي منها عشر دراسات إسلامية آخرها موسومة الفكر السياسي في القرآن الكريم ومن مؤلفاته أيضا القانون الدولي المعاصر.. قضايا نظرية وتطبيقية و الحقائق والأساطير في مصرية تيران وصنافير .. وينشر من حين إلى آخر مقالات في المنابر الصحفية العربية وغيرها.. لضيف اليوم دراسة قانونية حول وضع معبر رفح القانوني عدَّ فيها أن حصار غزة جريمة دولية ضد الإنسانية وترأس الأستاذ الأشعل لجنة قانونية مستقلة لمتابعة تقرير غولدستون وشارك في فعاليات عربية بأوروبا لمساندة كل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ودعم الأسرى بسجون الاحتلال الإسرائيلي المعتدي.
في هذا الجزء الثاني من الحديث الصحفي الحصري لـ أخبار اليوم يجيب سعادة السفير المصري الأسبق الدكتور عبد الله الأشعل عن جملة من الأسئلة حول قضايا عربية وإقليمية لا تزال تشغل الرأي العام العربي لا سيما ما اتصل بالشأن الفلسطيني رغم كل ما صدر من قرارات أممية حولها لكن يظل شعبها الأبي يعاني ويلات الاحتلال والظلم والدمار.


… * قُلتم سابقًا:..أَخشَى إنِ استمرَّتْ عَمالة الـحُكَّام أن تَتَّفق إيران و إسرائيل على اقتسام الـجثَّة العربيَّة.. ألهذه الدَّرجة؟
تحتاج إيران اعترافا بها من جانب الغرب بصفتها قوة إقليمية أساسية في المنطقة وبيقين يدرك الغرب أن إيران تعمل للتعاون معه والعمالة له الإيرانيون يحبون بلدهم حقيقة ومخلصون له ويسعون إلى استقلالية قرارهم.. إيران و إسرائيل نسبيا من المستقلين عن الولايات المتحدة الأمريكية و الغرب .. أما الملعب العربي فهو ملعب مستباح لكل شيء.. وفي النهاية قد تتفق إيران و إسرائيل على اقتسام المنطقة العربية إيران تسعى للانفراد بها وحدها وقد تشاركها إسرائيل .
وكيْف تَرَونَ الوجود التُّركيَّ في العالَم العربيِّ حاليًا في ضوء الصِّراعات الإقليميَّة والعالَميَّة واستعادة روسيا لدَورها؟
كما أن روسيا قد استعادت نسبيا دورها على أسس جديدة نعلم أن روسيا ليست مثل الاتحاد السوفياتي سابقا وقواعد العلاقات بين روسيا وإيران قائمة على إعلاء المشروعات التركية والإيرانية مثلا التنسيق بين روسيا وإيران في سورية الهدف منه هو نصرة النظام الحاكم في سورية وضرب التيارات الإسلامية السنية التي تحارب روسيا في الشيشان وفي إقليمها وتحارب فيه إيران ولا يشمل هذا التنسيق إسرائيل .
قد تشارك إيران أيضا تركيا.. لتركيا مشروع خاص في المنطقة ويتقاطع مع المشروع الإسرائيلي والمشروع الإيراني وكل هذا يحدث في المنطقة العربية.. كما أن روسيا قد استعادت نسبيا دورها على أسس جديدة نعلم أن روسيا ليست مثل الاتحاد السوفياتي سابقا وقواعد العلاقات بين روسيا وإيران قائمة على إعلاء المشروعات التركية والإيرانية مثلا التنسيق بين روسيا وإيران في سورية الهدف منه هو نصرة النظام الحاكم في سورية وضرب التيارات الإسلامية السنية التي تحارب روسيا في الشيشان وفي إقليمها وتحارب فيه إيران ولا يشمل هذا التنسيق إسرائيل .   
على إثر ما تُسمَّى صفقة القرن وحسْب قراءتكم لـ التَّطبيع الـمُتزايِد ألا تَتوقَّعونُ رِدَّةً عربيَّةً رسـميَّةً كُلَّ حين بشأن قضية فلسطين؟
أتوقع ردة عربية إيجابية لصالح القضية الفلسطينية لكن هذه الردة لا تكتمل إلا بعد الفصول العربية.. إن المعنى الحقيقي لِما تُسمَّى صفقة القرن هو استيلاء إسرائيل على كل فلسطين وإخضاع المنطقة العربية لـ الصهاينة ذلك لن يحدث حسب اعتقادي ليس أملا ورغبة فحسب بل ظاهر الحال يؤكده ويبدو تعثرا جليا لا سيما من الولايات المتحدة الأمريكية التي تراجعت في المنطقة مثل ما نلاحظ في سياستها الخارجية بعد القيادة الجديدة.


كأنَّ الإعلام العربيَّ والإسلاميَّ قدْ خفتا تـجاه قضية فلسطين رغم عدالتها.. ما رأيكم؟
الإعلام في المنطقة العربية هو إعلام منظومات الـحُكم وليس هناك إعلام عربي مطلقا تنقصه الحرية وأيضا المعيارية ولا يخدم قضية معينة وإنما يخدم أهداف منظومات حُكم عربية كل على حِدى.. وكل ما تضارب ذلك الإعلام انحرف عن الخط الحقيقي. 


حاربتِ الولايات الـمُتَّحدة الأمريكيَّة عَرَبًا وفُرْسًا سُنَّةً وشِيعةً بأموالهم وأسلحتهم وأوقاتهم وجهودهم ويَستوردون نِصف الأسلحة الـمُنتَجة لكن لا يَحمون أنفسهم وليستْ لهم أحزمة أمان.. ولا تَزال تَحشد ضدَّ إيران واستفادتِ الولايات الـمُتَّحدة الأمريكيَّة مِن كُلِّ شيء ولا تَزال تَبتزُّهمُ ابتزازًا.. أين الـخلل؟
الولايات الـمتحدة الأمريكية تحارب الجميع عربا وفُرسا وسُنَّة وشِيعة ما داموا ضد أهدافها ولا تميز بين عرب وفُرسوسُنَّة وشِيعة وإنما تستخدم أموالهم ونفطهم وغير ذلك وهذه هي مهارة الولايات الـمتحدة الأمريكية طوال أربعة عقود وقد نجحت أيما نجاح في المنطقة العربية والإسلامية بسياساتها تلك.. الولايات الـمتحدة الأمريكية تفكر بعقل واحد ونحن نفكر بعقول متعددة والذي أضر بنا هو التَّداخل الأجنبي ولا أقول التَّدخُّل الأجنبي يوجد فرق كبير بينهما.  
لطفًا ما التَّداخل الأجنبيُّ الَّذي تَقصده؟
التداخل الأجنبي معناه المشارك يتدخل في كتلة عربية واحدة أو في دولة معينة أي أن واشنطن جعلت من العواصم العربية الثنائيات المنفصلة وبالتالي جففت منابع العمل العربي وجعلت إسرائيل هي التي تمنح خِطاب الضمان لأمريكا خطاب التوصية بواشنطن .. كما قالت كوندوليزا رايس كاتبة الشؤون الخارجية الأمريكية في مصر عام 2003 م (.. من رضيتْ عنه إسرائيل فقد رضي عنه البيت الأبيض..).
لِسنين طويلة اجتهد كثيرون في عقد حوارات بيْن أهلِ السُّنَّة وأهلِ الشِّيعة ولَم تُثمرْ حينذاك ألا تَرَونَ ضرورةً لها اليومَ في ظِلِّ الصِّراعات الَّتي تَعصفُ بالأُمَّـةِ؟
إن الحوار بين السُّنَّة و الشِّيعة ليس هدفه تقريب المذاهب كما كان يدعو إليه الأزهر الشريف وإنما الهدف منه بيان أن اختلاف السُّنَّة و الشِّيعة أفرزه التنوع في الفكر الإسلامي وأن الاتفاق بينهما على الأصول ويرجح الاختلاف في الفروع والاختلاف بينهما فقهي وليس اختلافا أصوليا وإبراز ذاك التمايزبشدة مكيدة ضد الإسلام والمسلمين.. إذن لا بد للأمة أن تُقنَع لها إله واحد ورسول واحد وأركان خمسة للإسلام وهي التي نتفق عليها جميعا ونختلف في أدائها ليس هناك خلاف بل اختلاف في بعض المسائل الفكرية فقط التي لا تنال من العقيدة في الاختلاف بين السُّنَّة و الشِّيعة ولا يجوز تكفير المسلم بمجرد الاختلاف معه في الجانب الفقهي.
ألا تَرَونَ أنَّ الـمُعاهَدات والاتِّفاقات الَّتي تُبرَم بيْن دول العالَم العربيِّ و إسرائيل هي قيود تُكبِّلها حيال شعوبها؟
إن المعاهدات بين بعض الدول العربية و إسرائيل تعكس لحظة معينة من لحظات ضعف الجانب العربي وخاصة مواقف البلدان تجاه الملف الفلسطيني وهي ليست قيودا.. ويمكن التخلص منها يسير جدا حين تسترد الدولة إرادتها وتستطيع أن تلزم إسرائيل بحدودها..مثلا حالة جُمهورية مصر العربية بعد ما وقَّع الرئيس الأسبق محمد أنور السادات مع الكيان الغاصب سلمت كثيرا إسرائيل بالتحكيم ولم يعد بمقدور مصر الآن باعتبار الـحُكم العسكري حُكم متوارث إن أمن إسرائيل يَعتمد على الـحُكم العسكري والـحُكم العسكري يَعتمد على رضا إسرائيل . 
بعْد تَنامِي القوَّة الصِّينيَّة والكوريَّة والألـمانيَّة والتَّركيَّة وغيرها قدْ تَتغيَّر الـمَوازين في العالَم وتَتغيَّر الـهيئاتُ الدُّوليَّة والإقليميَّة ومِنها العربيَّة والإسلاميَّة لتُلبِّي طموحات الشُّعوب؟.. ما رأيكم؟
العالَم يتحرك وقوته تتحرك والصين تتقدم وكوريا وألمانيا وتركيا وإيران وغيرها.. والعالَم العربي منكمش وبالتالي مصر.. أرى الحركة في ذرات الكيانات المختلفة في المنطقة والعالَم لحظة معينة تستقر فيها هذه الذرات وفي وضع معين وهذا هو النظام الذي سوف يتشكل لكن نحن في حالة لا يستطيع أحد القول: إن هناك ملامح نظام دولي جديد.
ما تَقييمكم للدِّراسات القانونيَّة والدُّستوريَّة في العالَم العربيِّ والإسلاميِّ؟
إن الدراسات القانونية والدستورية في العالَم العربي والإسلامي ضعيفة بسبب ضعف المنهجية وتسير على الموروث من الأقطاب وغيرها وعلى الفقه الإسلامي بعد أن استقر قرونا طويلة لا يمكن تجديده كل الأجيال المختلفة التي قرأتِ القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية المطهرة خرجتْ في مواقف جديدة وهو الواقع المتغير.. من واجبنا نحن أن نُعمِل عقولنا في القرآن والسُّنَّة من جديدة استنادا واستنارة من السلف الصالح في الفقه حتى نُخرِج جديدا يتناسب مع العصر. 
سعيدٌ بكم اليومَ سعادة السَّفير كرمًا لا أمرًا اختموا الـحوار.
شكرا لكم.. يجب على الشعوب العربية المحافظة على مكوناتها وتقاليدها وتسعى إلى تنمية قدرات أبنائها لأن الإدارة الوطنية فشلت في جميع الدول العربية ولم تستطع استيعاب فكرة الأمة وفكرة الدولة أيضا.. وأهم شيء في الشعوب العربية أنها ذات السمع الإعلامي المنظم ولكن تتساقط وتعي لأن الوعي هو أكبر سلاح يهدد الـحُكام واستعادة العقل أكبر سلاح ضد برامج الـحُكام في تضييع العقول وتجميدها.