بعض ذكرياتي عن المرحوم البروفيسور رضوان بن غربية

  • PDF


 بقلم: الطيب بن إبراهيم


تعليق الصورة 
ثانوية الشيخ بوعمامة  ( 1976-1977 ) الواقفون من اليمين إلى اليسار: حليمي الحبيب متقاعد ـ معلوم محمد متقاعد ـ فتحي محمد جامعة بلعباس ـ ميساعيد عبد الله متقاعد ـ عمرو خليل جامعة البليدة.
الجالسون من اليمين إلى اليسار: حسين شابي متقاعد ـ بن ابراهيم الطيب (حامل المذياع) متقاعد ـ المرحوم دحماني موسى ـ حفيان ميلود متقاعد ـ بالدار جلول متقاعد .


غيّب الموت يوم الثلاثاء الأول من شهر جوان الحالي 2021 المغفور له بإذن الله البروفيسور والعلامة المحقِّق رضوان بن غربية المولود بمدينة المدية سنة 1954 وتناقلت أخبار وفاته جلّ الجرائد الوطنية الجزائرية ويُعد المرحوم رضوان بن غربية من كبار علماء الشريعة في الجزائر والوطن العربي. درّس بالجزائر ما بين سنة 1990 إلى غاية سنة 2003 ثم انتقل إلى الإمارات العربية المتحدة للتدريس بكلية الشريعة بدبي حيث أصبح رئيس قسم الشريعة بالكلية وهذا قبل عودته للتدريس بجامعة الجزائر وكُلِّف قبل وفاته رئيسا لمجلس أعضاء هيئة التدريس بقسم الشريعة بجامعة الجزائر وكان رحمه الله عضوا مشاركا ونشطا في عشرات الجمعيات والنوادي العلمية في الجامعات الجزائرية والعربية وشارك في عشرات الملتقيات والندوات الدولية في دول عربية وإسلامية ومن أبرز أعماله تحقيقاته  للكتب التالية : كتاب الإمام في بيان أدلة الأحكام للعز بن عبد السلام وكتاب الدرُّ النقي لابن عبد الهادي وكتاب إرشاد السالك إلى مناقب مالك لابن المبرد يوسف بن الحسن .
ومن خلال قراءتي لما كتبت الصحف الجزائرية عن العلامة رضوان بن غربية بعد وفاته رحمه الله بما فيهم أخبار اليوم كانت كلها تتحدث عن حياته ونشاطه بعد تخرجه وتوظيفه سنة 1990 وهنا ارتأيت أن أشارك بهذه المساهمة عن ذكرياتي له قبل تخرجه وهو طالب في مرحلة التعليم الثانوي.
تعرّفت لأول مرة على رضوان بن غربية ونحن طلبة في ثانوية الشيخ بوعمامة بمدينة السعيدة التابعة للتعليم الأصلي والشؤون الدينية التعليم الذي أسسه وأشرف عليه الوطني المجاهد والمفكر مولود قاسم نايت بالقاسم رحمه الله حيث كان التعليم الأصلي تعليما شرعيا وكنّا ندرس مواد دينية كالفقه وأصول الفقه والحديث والسيرة والتفسير والفرائض وكان يدرسنا هذه المواد أساتذة أزهريون وهذا بالإضافة للمواد الأدبية والعلمية الأخرى وهو التعليم الذي تمّ إنهاءه مع بداية سنة 1978 ووحدت شهادة البكالوريا دون مراعاة طلبة التعليم الأصلي الذين لم تراع ظروفهم .
كنَّا يومها طلبة بالثانوية حيث كان المغفور له رضوان بن غربية  يتقدمني بسنة واحدة فعندما كان في السنة الثالثة ثانوي كنت أنا في السنة الثانية وكان عدد الطلبة والأقسام قليلا حيث كانت الأقسام: الأولى والثانية والثالثة ثانوي تتشكل من قسم واحد لكل مستوى وهذا العدد القليل من الطلبة جعل تلامذة أقسام المستوى الثانوي الثلاثة يعرفون بعضهم البعض جيدا وكأنهم في قسم واحد حتى أن قسمي الذي كنت به السنة الثانية ثانوي كان يتكون من 18 طالبا جزائريا فقط وطالبين ( من السنغال وطالب واحد من بوركينا فاصو فولتا العليا وبهذا العدد القليل من الطلبة كانت الثانوية تجمع بين الطورين المتوسط والثانوي وكان الطلبة من عدة ولايات وكأن الثانوية جامعة. لم يكن رضوان بن غربية وحديدا من مدينة المدية بل كان رفقة مجموعة من الطلبة لازلت أتذكر وأتواصل مع بعضهم منهم: العربي الصغير حكيم بن تركية خليل محمد خليل عمرو بل حتى من العاصمة مثل الصديق عبد الله ميساعيد وكان في نفس القسم مع المرحوم رضوان بن غربية بن عودة العربي من البيض والمرحوم حفيان الشيخ من النعامة وكان مدير الثانوية آنذاك المرحوم حسين عايشي من مدينة مغنية.  
 آخر مرّة رأيت فيها المرحوم رضوان بن غربية بثانوية الشيخ بوعمامة صيف نيله شهادة البكالوريا سنة 1977 بعد ذلك انتقل في السنة الموالية إلى جامعة أم القرى بمدينة مكة بالمملكة العربية السعودية لمواصلة دراسته الجامعية في الشريعة فنال الليسانس سنة 1981 والماجستير سنة 1984 والدكتوراه سنة 1989 كلها من جامعة أم القرى بتقدير ممتاز ومنذ ذلك لازالت صورة وابتسامة الطالب رضوان بن غربية ب قشَّابيته الحمراء عالقة بالذهن وكنت أتابع أخباره عن بعد ومن ذكرياته أنني اشتريت منه كتاب الإنجليزية للسنة الثالثة ثانوي من الكتب الإنجليزية القديمة وهي طبعة بريطانية والذي لازلت محتفظا به ولازال يحمل اسم رضوان بن غربية بخط يده كما لازلت أذكر أخلاقه الفاضة وسلوكه الراقي الذي ميزه في تلك المرحلة عن أقرانه.
ومن ذكرياتي عن البروفيسور رضوان بن غربية أنه وبمناسبة إجراء مسابقة بين الثانويات التي كانت حديثة عهد وكانت  تنقل على أمواج الإذاعة فقط ولم تكن قد تُلْفِزَت بعد فقد أجاب رضوان على أسئلة الجغرافيا ولازلت أذكر بعض التعليقات على الإجابة ونحن في سن مرحلة الثانوي وأجاب المرحوم ميلس بوحفص على مادة الأدب ومن المجيبين أيضا الأخ خليل محمد كما لا زلت أذكر الصحفي الذي حضر من الإذاعة الوطنية لنقل المسابقة وهو المذيع القدير محمد الصالح الصيد وهذا قبل انتقاله لهيئة الإذاعة البريطانية لاحقا وكان من الأسماء اللامعة في لجنة التحكيم الأديب المرحوم محمد الأخضر السائحي وكانت المسابقة بين ثانوية ابن خلدون بالعاصمة وثانويتنا بسعيدة ذات القسم الوحيد مستوى ثالثة ثانوي!!.
  رحم الله رضوان بن غربية وأسكنه فسيح جناته والهم أسرته الصبر والسلوان وتعازينا الصادقة لأهله وأقاربه وتلامذته ولكل الجزائريين. إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا . صدق الله العظيم.