لبنان: ماذا بعد؟!!

  • PDF

بقلم: محمد موسى*
وانتهت رحلة الرئيس المكلف سابقا والمعتذر حاليا إلى الفشل في تشكيل الحكومة فهل وحده يحمل وزر هذا الاعتذار ومفاعيله وارتداداته وأوزاره القادمة والتي بدأت بالظهور حيث انفلات الشارع ودولار يحلق عاليا فوق عتبة 22000 ليرة للدولار الواحد؟ أم أن مع الحريري شركاء كثر في منظومة قائمة عملت على إجهاض الوصول إلى حكومة منذ زيارات ماكرون الشهيرة؟
لن نعود بعيدا فمنذ التسوية الرئاسية والقطار لم يركب على السكة والدليل عقبات تأليف حكومة ما بعد انتخابات 2018 ثم أداء الحكومة الباهت الذي أوصل إلى ثورة تشرين 2019. ولكن وبعد خروج الحريري من السراي هل تغير النهج القائم مع الداخل والخارج؟ طبعا وبما لا يقبل الشك لا والدليل الخطوات الكارثية على الصعيدين المالي- المصرفي والاجتماعي الذي وصل إلى أن أصبح لبنان حديث كل الشاشات العالمية بعد تقرير البنك الدولي وتقرير اليونيسف عن جوع الأطفال والعائلات والبرادات الخاوية إضافة إلى ما جاء في تقرير الجامعة الأمريكية الذي أصاب الوجع بأننا نحو الهلاك الاقتصادي الاجتماعي الذي ينذر باختلال العدالة الاجتماعية التي هي مدخل رئيسي في انهيار الدول على ما يقول صديقنا ابن خلدون.
من يخلف الحريري تكليفا؟ وهل يقبل سيد بيت الوسط؟ وما الثمن المقابل لمساعدة العهد في رهن ورقة الحكومة بين يديه خاصة بعدما كسرت الجرة مع الرئيس عون وفريقه السياسي؟
لقد انتهت مقالتي السابقة تحت عنوان لبنان: انهيار فاعتذار فانفجار إلى خلاصة أن الاعتذار قادم برغم تمنيات الرئيس بري الذي يدرك أن الاعتذار باب للانفجار. وعليه يبدو الرئيس المكلف المعتذر كسائر إلى دروب صعبة لا مفر منها وعليه ستطرح أسئلة كثيرة:
- من يخلف الحريري تكليفا؟ وهل يقبل سيد بيت الوسط؟ وما الثمن المقابل لمساعدة العهد في رهن ورقة الحكومة بين يديه خاصة بعدما كسرت الجرة مع الرئيس عون وفريقه السياسي؟
- ما الضمانات لأي شخصية سنية ألا يتكرر المشهد نفسه والشروط نفسها؟ وعليه هل جوهر الحديث أن نبدأ البحث عن طائف جديد؟!!
- ووفق هذه المعطيات من هو الانتحاري الذي سيقبل بالمهمة في ظل التقارير الدولية السالفة عن الانهيار الاقتصادي والاجتماعي وربما الأمني القادم خاصة بعد كلام وزير الداخلية بأن الأمن الاجتماعي في خطر؟!
وتاليا ربما المعادلة الجديدة عنوانها: انهيار فاعتذار فانفجار.. أليست تلك نبوءة سيد الدبلوماسية الفرنسية عن غرق التيتانيك اللبنانية.. حمى الله لبنان.
وعليه أتابع مع ناظر الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان الذي أكد بعد الاعتذار أن لبنان يشهد حالة تدمير ذاتي والطبقة السياسية اللبنانية تتحمل مسؤولية ذلك . وقال لودريان: زعماء لبنان يبدون عاجزين عن إيجاد حل للأزمة التي تسببوا فيها . وعليه فالكل شركاء في الاعتذار والانهيار والانفجار.
إن خروج الحريري بهذه الصورة سيفتح السجالات منذ ما قبل التكليف والتذكير بخطاب الرئيس الذي نصح بعدم تجريب المجرب وصولا إلى تأخير الاستشارات التي تأخرت لإجرائها وصولا إلى إرسال رئيس الجمهورية رسالة إلى مجلس النواب لسحب التكليف من سعد الحريري. هذا لم يحصل لا قبل الطائف ولا بعده انتهاء بعشرين 20 اجتماعا لم تفض إلا إلى مزيد من التشرذم.
وعلى ما يبدو الأمور آخذة في الانهيار إلى الوادي السحيق حيث بعد أو أُبعد لبنان عن المطالب العربية والدولية في حكومة اختصاصيين مستقلين قادرين على انتشال البلاد والأخذ بيدها إلى طريق الإصلاحات قبل ما يحاك عن بدء مسارات التدويل التي لن يربح منها كل الموجودين في سدة السلطة اليوم.
لقد خرج أو أُخرج الحريري من السباق إلى السراي محكوما إلى السباق الانتخابي الذي على ما يبدو ستكون معركته الأقسى القادمة في ظل قرف الناس من كل السياسيين. فكيف سيعمل للملمة بيته الداخلي وشارعه المؤيد والمتعاطف؟
في المقابل ماذا عن الرسائل التي أودعها لكل الأطراف حيث اعتبر بوضوح أنه لن يصوت مرة أخرى لجعجع لرئاسة الجمهورية وأن جعجع من أتى بعون رئيساً ويقوم بتحميله المسؤولية. وأضاف أنه لا يتواصل مع حزب الله وغمز من قناة الحزب قائلا إن حزب الله يقول إنه ضغط على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لكن أنا لم أره ولا أحد يصدق . وتاليا يبقى الحال مع حزب الله لا معلقا ولا مطلقا على المذهب اللبناني الشهير.
وأردف الحريري: أريد أن أشكر رئيس مجلس النواب نبيه برّي على وقوفه معي في هذه المرحلة وهو كان هدفه الأساسي أن تتشكل الحكومة . وفي ذلك بادرة واضحة تجاه بري الذي أتى بالتكليف لكنه صُدم في الاعتذار لخسارته جولة جديدة أمام الرئاسة الأولى مما سيعزز الاشتباك بين الرئاستين الأولى والثانية في قابل الأيام: حيث القاعدة الدائمة ترجح نجاح مبادرات بري وأرانبه السياسية التي أُجهضت في هذه المرة.
لقد أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن خيبة الأمل الكبيرة إزاء قرار الرئيس سعد الحريري الاعتذار عن تشكيل الحكومة . وأشار إلى أنه يعتقد بأن تبعات اعتذار الحريري قد تكون خطيرة على مستقبل الوضع في لبنان.
وعليه لبنان ذاهب إلى المجهول ما لم يتدارك ذلك العقلاء ومنهم الحريري نفسه قبل أن يفلت الموقف وتحل الفوضى الهدامة ويحل الفراغ المؤدي إلى تحلل المؤسسات الشرعية الضامنة التي تعاني الأمرّين كحال كل اللبنانيين.
فهل يتدارك العقلاء قبل أن تعود عقارب الساعة للوراء لا سمح الله؟