الصحافي عندما يصبح وزيرا للإعلام

  • PDF


بقلم: محمد كريشان*
حين أطل جورج قرداحي لأول مرة بصفته وزير إعلام في الحكومة اللبنانية الجديدة لم تكن مواقفه السياسية الكثيرة التي لا تروق لكثيرين هي الحاضرة عندي قدر التركيز على أدائه وهو يقرأ باعتباره صحافيا ومذيعا سابقا في راديو مونت كارلو قبل أي شهرة تلفزيونية لاحقة.
كانت قراءته للورقة المكتوبة سليمة بمعنى أنه لم يفقد لياقته اللغوية رغم كل هذه السنوات.
طبعا ما هكذا يقيم الوزراء خاصة وأنه ليس الأول القادم من عالم الصحافة لا في لبنان ولا في غيره فقد عرف لبنان قبله وزراء إعلام صحافيين مثل غازي العريضي وملحم رياشي وباسم السبع وأشهرهم غسان تويني غير أن اللبنانيين ما حكموا على هؤلاء الوزراء إلا بناء على تصنيفاتهم المختلفة وليس على إنجازاتهم للصحافة والصحافيين وهذا ما سيحصل مع قرداحي أيضا.
في مصر كان أشهر الصحافيين الذين تولوا وزارة الإعلام هو بلا جدال محمد حسنين هيكل صديق الرئيس جمال عبد الناصر وقد تولاها على مضض وجمع معها صحيفة الأهرام ويُعترف له بالفضل في صدور قانون لاتحاد الإذاعة والتلفزيون ثم جاء في عهد الرئيس أنور السادات عبد المنعم الصاوي عام 1977 وقد كان نقيبا للصحافيين ورئيس تحرير صحيفة الجمهورية . بعد ثورة يناير 2011 جاء أسامة هيكل إلى وزارة الإعلام في حكومة الدكتور عصام شرف وفي عهد الرئيس محمد مرسي جاء من عالم الصحافة والسياسة معا صلاح عبد المقصود وزيرا للإعلام لكن أسامة هيكل عاد من جديد وزيرا للإعلام بعد بضع سنوات في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي دخل خلالها في مواجهات مع زملائه السابقين من الصحافيين حتى ترك الوزارة.
في الأردن كان هناك عدد غير قليل من الصحافيين الذين تولوا حقيبة الإعلام اختلف زملاؤهم في تقييمهم فصالح القلاب مثلا لم يعجب الكثيرين فيما اعتبر طاهر العدوان جيدا أما راكان المجالي النقيب السابق للصحافيين فقد اعتبر مروره عاديا رغم صيته المهني الكبير على عكس الإشادة بمحمود الشريف مثلا وقد كان من مالكي صحيفة الدستور وكان وزيرا في حكومة طاهر المصري فيما اعتبرت جمانة غنيمات في حكومة الرزاز وزيرة معقولة حسب وصف البعض من زملائها.
في العراق كان هناك طارق عزيز الذي عمل صحافيا حين تولى حزب البعث السلطة عام 1968 كرئيس تحرير صحيفة الحزب الثورة ثم وزيرا للإعلام لكن من الصعب اعتباره صحافيا بالكامل فهو سياسي في المقام الأول عمل في الصحافة ثم صار وزيرا للإعلام لاحقا قبل تولي حقائب وزارية أخرى إلى أن سقط النظام فاعتقلته قوات الاحتلال الأمريكي ومات في سجنه عام 2015.
وفي الكويت كان محمد ناصر السنعوسي الذي عين وزيرا للإعلام عام 2006 لفترة قصيرة من المؤسسين للتلفزيون الرسمي عام 1960 وتحمل مسؤوليات عديدة فيه قبل أن يشتهر بتقديم برامج تلفزيونية حوارية تناولت قضايا جدلية عديدة في المجتمع الكويتي.
وفي الجزائر تقلد المنصب عدد كبير من الصحافيين فحاليا هناك عمار بالحِيمَر وزيرا للاتصال والناطق الرسمي بالحكومة الجزائرية كما شغل الوزارة ناصر مهل وكان مديرا للوكالة الجزائرية للأنباء. كما تولاها حميد غرين مدير صحيفة أوريزون وكذلك حمراوي حبيب شوقي الذي انتقل من صحافي في التلفزيون إلى وزير في حكومة مجلس الدولة التي خلفت حكم الرئيس المغتال محمد بوضياف.
ومع أول حكومة شكلها الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة عام 1956 اختار لكتابة الدول للإعلام كما كانت تسمى شابا في أواسط العشرينيات هو بشير بن يحمد لكنه استقال من منصب بعد زهاء الثلاث سنوات ليطلق في الخارج مشروعه الصحافي الخاص الشهير والقائم إلى حد الآن في باريس وهو مؤسسة جون أفريك ومجلتها الشهيرة كما عرفت تونس صحافيا آخر وزيرا للإعلام هو الحبيب بولعراس الذي دخل الحكومة لأول مرة عام 1970 وزيرا للثقافة والإعلام ليستقيل بعد عام واحد فقط احتجاجا على نزوع بورقيبة نحو الاستبداد.