الإفراط في تناول المضادات الحيوية يهدّد الصحة

  • PDF

الأطباء يُحذِّرون من عواقب الاستهلاك العشوائي 
الإفراط في تناول المضادات الحيوية يهدّد الصحة 

أضحت المضادات الحيوية مرض العصر بسبب الاستهلاك المفرط لها مما يهدد الصحة ويضعف الجهاز المناعي في محاربة الميكروبات بحيث اعتاد كثير من الناس على تناول المضادات الحيوية لعلاج بعض الأمراض الفيروسية المنتشرة كالإنفلونزا والتهاب اللوزتين لدى الأطفال بصورة عشوائية ودون وصفة طبية ما قد يفاقم الحالات ويزيد من فرص الأمراض المقاومة للأدوية ويضعف جهاز المناعة.
نسيمة خباجة 
يفاقم الإفراط وإساءة استخدام المضادات الحيوية خطر مقاومة مضادات الميكروبات ما يزيد من تطور حالات العدوى المقاومة للأدوية فمقاومة مضادات الميكروبات عندما تكتسب البكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات مقاومةً لتأثير الأدوية تزيد من صعوبة معالجة الأنواع الشائعة من العدوى وتؤدي إلى ارتفاع مخاطر انتشار الأمراض والاعتلالات الوخيمة وحالات الوفاة وفقاً لدراسات منظمة الصحة العالمية.

تحذيرات من الاستهلاك المفرط
حذر وزير الصحة عبد الرحمن بن بوزيد مؤخرا من الاستهلاك المفرط لهذه المضادات في ظل جائحة كورونا مما قد يؤدي -مثلما قال-إلى ظهور مقاومة لمضادات الميكروبات وتسريع انتشار الفيروس علما أن مقاومة هذه الميكروبات تستدعي اللجوء إلى أدوية مكلفة وتتسبب في إطالة مدة فترة المرض والعلاج والاستشفاء .
بدورها تطرقت الدكتورة ليليا أوبراهم نيابة عن ممثل المنظمة العالمية للصحة بالجزائر إلى رسالة المديرة الجهوية للمنظمة لمنطقة افريقيا معتبرة القارة السمراء أكثر تضررا من غيرها جراء الاستعمال غير الجيد للمضادات الحيوية بسبب استهلاك أدوية مغشوشة إلى جانب تعرض المنطقة إلى ظهور بكتيريا وفطريات مستجدة .
وأشارت بالمناسبة إلى الحملة التي اطلقتها المنظمة العالمية للصحة بالتنسيق مع منظمة التغذية العالمية المتعلقة بترشيد استعمال المضادات الحيوية حتى لا تخرج عن نطاقها مع بذل الجهود للتصدي لمقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية وضمان فعالية هذه الأخيرة .

خطر الإصابة بمرض السكري 

الإفراط في تناول المضادات الحيوية له الكثير من الآثار الجانبية التي تؤثر على الأداء الوظيفي لجميع أجهزة الجسم إلا أن نتائج خطيرة كشفت عنها دراسة حديثة أوضحت أن الإفراط في تناول المضادات الحيوية يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
وحلل الباحثون القائمون على الدراسة بيانات مليون شخص في بريطانيا كانوا أكثر عرضة للإصابة بالسكري ووجدوا أنهم استخدموا جرعتين على الأقل من 4 أنواع من المضادات الحيوية وهي البنسلين والسيفالوسبورين والكينولون والماكروليدات. واكتشف الباحثون أن خطر الإصابة بمرض السكري يرتفع كلما ازدادت جرعة المضادات الحيوية المتناولة حيث وصلت نسبة الإصابة بالمرض إلى 8 بالمائة للأشخاص الذين استخدموا المضادات الحيوية بداية من دورتين وحتى خمس دورات علاجية في حين زادت نسبة الإصابة بالمرض إلى 23 بالمتئة بالنسبة للأشخاص الذين تناولوا جرعات أكثر من ذلك.
وأثبتت الدراسة أن المضادات الحيوية تقتل البكتيريا النافعة والضارة في الأمعاء إضافة إلى أنها تعيق إفراز الجسم لهرمون الأنسولين وهو ما يفسر العلاقة بين المضادات الحيوية ومخاطر الإصابة بالسكري.

منظمة الصحة تدق ناقوس الخطر
تعمل المنظمة سنويا على إذكاء الوعي بمخاطر مقاومة مضادات الميكروبات على الصعيد العالمي من خلال الأسبوع العالمي للتوعية بشأن مضادات الميكروبات والذي يقع بين يومي 18 و24 نوفمبر وتحث على تطبيق أفضل الممارسات في أوساط الجمهور عامةً والعاملين الصحيين ومقرري السياسات من أجل وقف المزيد من ظهور وانتشار أشكال العدوى المقاومة للأدوية وتستند المنظمة في ذلك إلى مجموعة الدراسات والأبحاث التي تجريها والتي تشير إلى تصاعد المقاومة التي تواجهها مجموعة متزايدة من الأدوية وبالتحديد المضادات الحيوية ومضادات الميكروبات وهو شعار عام 2020.
ووفق منظمة الصحة العالمية هناك عوامل عديدة أدّت إلى تفاقم خطر مقاومة مضادات الميكروبات حول العالم ومن بينها الإفراط في استخدام الأدوية وإساءة استخدامها لدى الإنسان وفي قطاعي الماشية والزراعة فضلاً عن الافتقار إلى المياه النظيفة ووسائل الإصحاح والنظافة.

استهلاك عشوائي يفتك بالمناعة
إساءة استخدام مضادات الميكروبات والإفراط في استخدامها لدى الإنسان والحيوان والنبات – تعدّ إساءة استخدام مضادات الميكروبات والإفراط في استخدامها لدى البشر والحيوانات والنباتات الدافع الرئيس لتطور حالات العدوى المقاومة للأدوية. ومن العوامل المساهمة كذلك تردي ممارسات وصف الأدوية الطبية وعدم التزام المرضى للمقررات العلاجية. فالمضادات الحيوية على سبيل المثال تقتل البكتيريا ولكن لا سلطان لها على الفيروسات التي تسبب عدوى الزكام والأنفلونزا مثلاً. وكثيراً ما توصف هذه المضادات خطاً لمعالجة هذه الأمراض أو تؤخذ من دون إشراف طبي ملائم. كما يشيع استخدام المضادات الحيوية بصورة مفرطة كذلك في قطاعي حيوانات المزارع والزراعة.
الافتقار إلى المياه النظيفة ولوازم الإصحاح والنظافة للبشر والحيوانات على السواء – يؤدي الافتقار إلى المياه النظيفة ووسائل الصرف الصحي في مرافق الرعاية الصحية والمزارع والأوساط المجتمعية وعدم كفاية تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها إلى تعزيز ظهور وانتشار أشكال العدوى المقاومة للأدوية.

المضادات الحيوية وجائحة كورونا 
قد تفضي إساءة استخدام المضادات الحيوية أثناء جائحة كوفيد-19 إلى التعجيل بظهور وتفشي مقاومة مضادات الميكروبات فمرض كوفيد-19 يسببه فيروس لا بكتيريا وبالتالي ينبغي ألا تُستخدم المضادات الحيوية للوقاية من عدواه الفيروسية أو معالجتها إلا إذا تزامنت مع عدوى بكتيرية.
وتهدد مقاومة مضادات الميكروبات فعالية الوقاية من مجموعة من حالات العدوى التي تتزايد باستمرار وتسببها الجراثيم والطفيليات والفيروسات والفطريات ونجاعة علاجها كما تعد مقاومة مضادات الميكروبات الصحة العمومية في العالم تهديداً خطيراً متزايداً يستوجب اتخاذ الإجراءات بشأنه على مستوى جميع القطاعات الحكومية والمجتمع.
ويتعرض نجاح العمليات الجراحية الرئيسية والمعالجة الكيميائية للسرطان للخطر دون توافر مضادات حيوية ناجعة.
كما تزيد تكاليف الرعاية الصحية المقدمة إلى المرضى المصابين بحالات عدوى مقاومة على تكاليف رعاية المرضى المصابين بحالات عدوى غير مقاومة بسبب استغراق المرض مدة أطول وإجراء اختبارات إضافية واستخدام أدوية أكثر تكلفة.
ويصاب 480 الف شخص بالسل المقاوم للأدوية المتعددة كل سنة وتأخذ مقاومة الأدوية في تعقيد مكافحة فيروس العوز المناعي البشري والملاريا في العالم.
تظهر مقاومة مضادات الميكروبات عندما تتبدل الكائنات المجهرية (مثل الجراثيم والفطريات والفيروسات والطفيليات) لدى تعرضها للأدوية المضادة للميكروبات (مثل المضادات الحيوية ومضادات الفطريات ومضادات الفيروسات ومضادات الملاريا ومضادات الديدان) ويشار إلى الكائنات المجهرية التي تقاوم مضادات الميكروبات في بعض الأحيان أنها الجراثيم الرئيسة ونتيجة لذلك تصبح الأدوية غير ناجعة وتصمد حالات العدوى في الجسم بزيادة خطر انتقالها إلى أشخاص آخرين.

قلق عالمي
تظهر آليات مقاومة جديدة وتنتشر على الصعيد العالمي بتهديد قدرتنا على علاج أمراض معدية شائعة ما يؤدي إلى الإصابة بالمرض فترة مطولة والعجز والوفاة.
وتصبح الإجراءات الطبية على غرار زرع الأعضاء والمعالجة الكيميائية للسرطان والتدبير العلاجي للسكري والعمليات الجراحية الرئيسة (مثل الجراحة القيصرية أو استبدال الورك) شديدة الخطورة من دون توافر مضادات حيوية ناجعة للوقاية من حالات العدوى وعلاجها.
وترفع مقاومة مضادات الميكروبات تكاليف الرعاية الصحية بإطالة فترات البقاء في المستشفيات وزيادة الحاجة إلى العناية المركزة.
وتعرض مقاومة مضادات الميكروبات مكاسب الأهداف الإنمائية للألفية للخطر وتخاطر بتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وتظهر مقاومة مضادات الميكروبات بصورة طبيعية مع مرور الزمن عبر التحويرات الوراثية عادة ومع ذلك يعجل سوء استخدام مضادات الميكروبات والإفراط فيه هذه العملية. وفي أماكن عديدة تستخدم المضادات الحيوية استخداماً مفرطاً وسيئاً لدى الإنسان والحيوان وتعطى في الغالب من دون مراقبة مهنية.
وتوجد الميكروبات المقاومة لمضادات الميكروبات لدى الإنسان والحيوان وفي الأغذية والبيئة (الماء والتربة والهواء). ويمكن انتقالها من الإنسان إلى الحيوان ومن الحيوان إلى الإنسان ومن شخص إلى آخر. وتساعد مكافحة العدوى السيئة والظروف الصحية غير الكافية ومناولة الأغذية غير المناسبة على انتشار مقاومة مضادات الميكروبات.
ويزداد تعرض المرضى المصابين بحالات عدوى تسببها جراثيم مقاومة للأدوية لخطر تدهور الحصائل السريرية والوفاة ويستهلك هؤلاء المرضى كمية أكبر من موارد الرعاية الصحية مقارنة بالمرضى المصابين بالعدوى بسلالات غير مقاومة من الجراثيم نفسها.