كورونا تُضيّق رقعة احتفالات رأس السنة الميلادية

  • PDF

فنادق ووكالات سياحية تندب حظها
كورونا تُضيّق رقعة احتفالات رأس السنة الميلادية

..ونحن على بُعد أقل من أسبوع لقدوم السنة الجديدة 2021 يخيم السكون والجمود على المستويين الدولي والمحلي فلا ابتهاج ولا احتفال بالنسبة لمن اعتادوا على ذلك تقليدا للغرب أو انسلاخا من الهوية وعقيدة التوحيد الصحيحة والأنظار مشدودة لمنحى الأزمة الصحية وسوسبانس انطلاق عملية التلقيح في أكثر من دولة بين من يؤيده وبين من ينتقده هي كلها أجواء تخيم على العالم وأنست حتى مواطني الدول الغربية الاحتفال بالعام الميلادي فما بالنا بالمجتمعات العربية التي كانت تمتطي ركب التقليد إلا أن الإجراءات الاحترازية والوقائية في هذه السنة ضيقت الخناق على مؤيدي الاحتفال برأس السنة الميلادية في البلدان العربية على غرار الجزائر.
نسيمة خباجة 
لا مجون ولا سهر حتى الفجر ولا تضييع للملايين في مجالس السوء فالظروف تختلف في هذه السنة ونحن نعيش على وقع وباء فتاك أدخل الناس بيوتهم خوفا من انتقال عدواه المميتة وألغى احتفالات ليلة لا تُنسى من السنة كان للبعض نصيبٌ منها عبر الفنادق والعلب الليلية للبذخ والترف وحرق الملايين في سهرات ماجنة.
كما يندب أصحاب الفنادق والملاهي والمطاعم الفخمة والوكالات السياحية حظهم بسبب تضييع فرصة من ذهب في تحقيق مداخيل بمناسبة رأس السنة الميلادية فلا حجوزات ولا طلبيات في هذه السنة بسبب الظرف الصحي وتضييق الخناق في إطار تطبيق الإجراءات الاحترازية ومنع التجمعات والاحتفالات بالسنة الجديدة.


هل يحتفل جزائريون بالعام الميلادي 2021؟
نزلنا إلى الشوارع الكبرى للجزائر العاصمة لجس نبض الشارع الجزائري حول الاحتفال بـ الريفيون من عدمه في هذه السنة فكانت الآراء متباينة إلا أنها أغلبها صبّت في الامتناع عن الاحتفال في هذه السنة بسبب الظروف الصحية والخوف من انتقال عدوى كورونا الأمر الذي يفرض التباعد الاجتماعي ولا يتوافق مع إقامة احتفالات السنة الميلادية الجديدة. 
يقول السيد أحمد إن الاحتفال بالسنة الجديدة لا يدخل في أجندته منذ زمان وخاصة في هذه السنة فالكل ينشغل بوباء فتاك ينزل حينا ويرتفع أحيانا أخرى كما أن انطلاق التلقيح يشغل بال كثيرين مع تعدد وتنوع اللقاحات التي خلقت نقاشات حول اللقاح الأنجع والأوثق فهي كلها ظروف لا تشجع بل ولا تترك المجال للتفكير في الاحتفال باستقبال العام الجديد في ظل الوباء الذي أخلط حسابات العالم بأسره.
الشاب هشام في العشرينيات من العمر قال انه اعتاد على الاحتفال في السنوات الماضية مع أصدقائه بتنظيم سهرة في مطعم راق والسهر إلى الفجر وخلق ذكريات لا تنسى مع التقاط صور في أجواء احتفالية رائعة لكن في هذه السنة الوضع مختلف بسبب الأزمة الصحية العالمية التي مست الجزائر لذلك سيحتفل مع عائلته في البيت لأنهم من مؤيدي الاحتفال بالعام الميلادي من باب التيمن بسنة حلوة ومزدهرة لا غير. 
السيدة خديجة ربة بيت ما إن سألناها حتى أجابتنا بنبرة حادة وقالت لا نحتفل بعيد لا يعنينا فهو عيد غربي محض ولا يلائم المسلمين فيكفينا انتشار وباء قاتل كإنذار من الله تعالى للتوبة والعودة إلى الطريق الصواب- تقول- كما أن الوقت ليس ملائما ومن شأن المحتفلين أن يساهموا في انتشار وانتقال عدوى كورونا بحيث قالت إنها تشجع تشديد الإجراءات من طرف المصالح المعنية خلال هذا الأسبوع لتضييق الخناق على أنصار الاحتفال برأس السنة الميلادية. 

انتشار طاولات الشوكولاطة والتراز
شاهدنا عبر بعض النواحي في الشوارع الكبرى للجزائر بداية نصب طاولات الشوكولاطة والتراز والألعاب والهدايا والتي تظهر من خلالها بوادر توديع سنة 2020 والاستعداد لاستقبال سنة جديدة ويقبل بعض المواطنين عليها لاقتناء بعض أنواع الحلويات للأطفال بعد أن شدت انتباههم كما تخصصت محلات في بيع تلك الحلويات والمقتنيات وازدانت بالبالونات والأشرطة الفضية والذهبية والأزهار والقلوب الحمراء وهو ما وقفنا عليه على مستوى محل ببئر توتة بضواحي الجزائر العاصمة وعرف إقبال بعض الزبائن بحيث عرض أنواعا من الشكولاطة والحلويات والمكسرات أو كما يعرف بالتراز اقتربنا من صاحب المحل فقال إنه اعتاد على خلق أجواء مماثلة في كل سنة ويشهد إقبال الزبائن خاصة الآباء مع أطفالهم لاقتناء أنواع من الحلويات والاحتفال بالعام الجديد في حدود ضيقة من باب التفاؤل بسنة حلوة لاسيما مع أزمة كورونا التي سوف تؤثر على الاحتفال بكل تأكيد وعن الإقبال قال إنه محتشم بعد أن فتح المحل منذ يومين لكن يُنتظر أن يتضاعف عشية الاحتفال بالسنة الجديدة. 

فنادق ووكالات تندب حظها 


الخاسر الأكبر من إلغاء الاحتفالات وفق ما تقتضيه الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي وباء كورونا هي الفنادق والمطاعم ووكالات السياحة التي كانت الوجهات المفضلة لمناصري قضاء ليلة الأحلام في فندق أو مطعم فاخر أو اختيار وجهة سياحية تنظمها وكالات السياحة داخليا وخارجيا إلا أن وباء كورونا اخلط الحسابات وألغى مداخيل معتبرة للفنادق والمطاعم ووكالات السياحة فهي بالكاد تعمل وفق أطر ضيقة جدا. 
وكانت وجهة بعض المتلهفين على الاحتفال بالعام للجديد الوسائط الاجتماعية على غرار الفايسبوك والإنستغرام واليوتيوب من أجل الظفر بعروض في حدود ضيقة بحيث مالت بعض المطاعم إلى عرض أشهى حلويات رأس السنة والأطباق مع ضمان توصيلها إلى الزبائن كي تحقق ولو جزءا من الأرباح تزامنا والمناسبة وهو ما وقفنا عليه بحيث انتشرت بشكل واسع صور لكعك نهاية السنة وجذع الشجرة وحتى شجرة أعياد الميلاد كانت الوسائط الاجتماعية فضاءً للترويج لها وكسب زبائن وتحقيق مداخيل وبكل تأكيد جذبت اهتمام بعض مناصري الاحتفال الذين يتصفحون المواقع بحثا عن جديد الاحتفال في سنة تفوق فيها العالم الافتراضي في الترويج والتشهير لحلويات وكعكات نهاية السنة.

كورونا تخيّم على الاحتفالات عالمياً
لم يفوت الوباء فرصة الاحتفال على المجتمعات العربية التي تناصر بعض فئاتها الاحتفال بالعام الميلادي فحسب بل ضيّقت جائحة كورونا الخناق وفرضت قيودا حتى على المعنيين الأساسيين بالاحتفال وضبطت الكثير من الدول الغربية عقاربها على إجراءات صارمة ترافق الاحتفالات برأس السنة الميلادية ففي ألمانيا مثلا ألغيت أسواق عيد الميلاد الشهيرة وبالنسبة لكثيرين سيتواصل العزل الذي كان أبرز سمات العام خلال عيد الميلاد وبعده كما هو الحال في بلجيكا حيث لا يسمح للسكان باستقبال أكثر من زائر واحد.
وفُرضت قيود جديدة لاحتواء الوباء تطّبق خلال فترة عيدي الميلاد ورأس السنة في أنحاء إيطاليا البلد الأكثر تضررا جرّاء فيروس كورونا الجديد في أوروبا حيث سجلت أكثر من مليوني إصابة ونحو 71 ألف وفاة منذ ظهر الوباء كما سارت دول عربية في نفس الخط وقررت الهيئة الوطنية التونسية لمجابهة فيروس كورونا حظر جميع التجمعات والتظاهرات بما في ذلك احتفالات رأس السنة الميلادية وتقرر استمرار حظر التجول والتنقل بين الجهات إلا في الحالات الاستثنائية والطارئة ومنع كل التجمعات والتظاهرات مهما كان نوعها والحفلات العامة والخاصة بما في ذلك الاحتفالات برأس السنة كما قرّرت مصر إلغاء احتفالات رأس السنة الميلادية لهذا العام مع تصاعد ملحوظ في أعداد الإصابات والوفيات المسجلة في البلاد بفيروس كورونا خلال الأسبوع الجاري.
هكذا هي الظروف التي يودع بها العالم سنة 2020 بأفراحها وأتراحها ويستقبل سنة جديدة يتفاءل فيها الكل خيرا بتوديع وباء كانت مآسيه عنوانا لسنة ماضية وتبقى الآمال معلقة على الانطلاق الفعلي للتلقيح في العديد من الدول.