الإفراط في تدليل الطفل يعرّضه للفشل مستقبلًا

  • PDF

الإفراط في تدليل الطفل يعرّضه للفشل مستقبلًا

التدليل نهج يتّبعه العديد من الناس في علاقاتهم مع أولادهم رافعين شعار الحنان الزائد لمن يحبون ناسين أو متناسين أنّ الإفراط في هذا الأمر يؤدي إلى نتائج سلبية تتعدى مرحلة الطفولة إلى مرحلتي المراهقة والنضج.

سلوك الطفل المدلّل
يتّصف سلوك الطفل المدلّل بالآتي:
- عدم اتّباع قواعد التهذيب أو الاستماع إلى توجيهات الأهل.
- الاحتجاج على كل شيء والإصرار على تنفيذ رغباته.
- عدم التمييز بين احتياجاته ورغباته.
- طلب أشياء كثيرة أو غير مقبولة من الآخرين.
- دائم التململ والشكوى.
- يفرض رأيه ولا يحترم حقوق الآخرين.
- يبكي ويغضب باستمرار.
- لا يتحمل الضغوط.

الاهتمام والدلال الزائد
من مظاهر التدليل أن بعض الآباء يشعرون بالسرور والدعابة عندما لا يحترمهم أبناؤهم بدلًا من توجيههم. إن عدم تعريف الطفل بخطئه عندما يتلف الأشياء للآخرين أو عندما يضرب زملاءه من الأسباب الرئيسية لإفساده. ومن هذه الأسباب أيضًا تساهل الوالدين وعدم تحكّمهما برغبات أطفالهما مع عدم تمييزهما بين احتياجات كل طفل (كطلبه للطعام) وبين أهوائه (مثل البكاء لأتفه الأسباب) فيلجأون إلى أسرع الحلول وأقربها ويفعلون أي شيء لمنع الطفل من البكاء من دون أن يدركوا أنّ منحه قدرًا كبيرًا من الحرية والسلطة يجعله أكثر أنانية.
في بعض الأحيان قد تفسد الخادمة الطفل بتدليله وتلبية طلباته بصفة مستمرة حتى وإن كانت غير معقولة وذلك تجنّبًا للمشاكل التي تواجهها مع الطفل وكسبًا لرضا الوالدين عن عملها.
يخلط الكثيرون بين الاهتمام بالطفل والإفراط في تدليله وبوجه عام فإنّ الاعتناء بالطفل شيء جيد وضروري لنموّه غير أنّ هذا الاهتمام إذا زاد عن الحد أو جاء في وقت غير مناسب فله أضرار كبيرة.

مشاكل تواجه الطفل المدلّل
يواجه الطفل المدلّل مشاكل كثيرة وصعوبات جمّة إذا بلغ السن الدراسية من دون أن يتغير أسلوب تربيته. إن الأطفال المدلّلين غالبًا ما يكونون غير محبوبين في المدرسة لفرط أنانيتهم وتسلّطهم كما أنهم قد يكونون غير محبوبين من الكبار أيضًا بسبب سلوكهم وتصرفاتهم ومن ثم يصبحون غير سعداء الأمر الذي يجعلهم أقل اهتمامًا بالواجبات المدرسية. ونظرًا لافتقارهم إلى السيطرة على أنفسهم فقد يتورطون في السلوكيات الخطرة كتعاطي المخدرات والانحراف والجريمة إذ إن الطفل المدلّل عندما يشبّ ويكبر يريد أن تكون طلباته مجابة سواء من والديه أو ممن هم حوله من الأقرباء والأصدقاء لكنه يصطدم بالواقع العملي للحياة عندما يحتك به في مراحل حياته المختلفة. فالكثير من الأمور تحتاج من الوقت والجهد ما لا يستطيع الإنسان المدلّل تحمّله.

مسؤولية الوالدين
انطلاقًا مما تقدّم على الوالدين وضع قواعد تهذيب السلوك الخاصة بطفلهما. يبدأ تهذيب الطفل منذ السن التي يحبو فيها ورفض طلبه بكلمة لا قد يكون ضروريًا. فالطفل بحاجة إلى مؤثر خارجي يسيطر عليه حتى يتعلم كيف يسيطر على نفسه ويكون مهذبًا وهو سيظل يحب والديه وإن رفضا طلبه.
من المهم أن يعتاد الطفل الاستجابة بصورة لائقة لتوجيهات والديه قبل دخوله المدرسة بفترة طويلة ومن هذه التوجيهات: جلوسه في المقعد المخصص له في السيارة عدم ضرب الأطفال الآخرين الاستعداد لمغادرة المنزل في الوقت المحدد صباحًا من دون مماطلة وكذلك التزام الوقت المحدّد للذهاب إلى الفراش هذه النظم التي يضعها الكبار ليست محل نقاش مع الطفل غير أنّ هناك بعض الأمور التي يمكن أن يؤخذ فيها رأيه ومنها: أي من الأطعمة يأكل؟ وأي قصة يُحب أن يسمع؟ وماذا يريد أن يلعب؟ وماذا يرتدي من الملابس؟... من الضروري توجيه الطفل ليستطيع التمييز بين الأشياء التي يكون مخيّرًا فيها وبين قواعد السلوك المحددة التي ليس فيها مجال للاختيار.

التمييز بين احتياجات الطفل ورغباته
قد يبكي الطفل نتيجة إحساسه بالألم أو الجوع أو الخوف في هذه الحال يجب الاستجابة له مباشرة خلافًا لبكائه لأسباب أخرى لن تسبب أي أضرار له. في العادة يرتبط بكاء الطفل برغباته وأهوائه وقد يكون جزءًا من نوبات الغضب الحادة فتجاهليها ولا تعاقبيه بل أخبريه أنه طفل كثير البكاء وعليه أن يكفّ عن ذلك. وعلى الرغم من أنّه لا يجوز تجاهل مشاعر الطفل لكن يجب ألّا يتأثر الأهل ببكائه إلى درجة تجعلهم يستجيبون لرغباته تلقائيًا. ولكي تعوّضي الطفل تجاهلك له عند بكائه ضميه وعانقيه ووفري له الأنشطة الممتعة في الوقت الذي لا يبكي فيه ولا يكون غاضبًا. هناك أيضًا بعض الأوقات التي يجب أن تتجنبي فيها الاهتمام بالطفل أو ملاعبته مؤقتًا كي تساعديه على تعلم شيء مهم (مثل توقفه عن عادة سيئة).

لا تسمحي لنوبات غضبه بالتأثير عليك
تنتاب الطفل أحيانًا نوبات غضب حادة هدفها جذب انتباهك أو ثنيك عن عزيمتك وتغيير رأيك وإعطاؤه ما يريد. وقد تكون نوبات الغضب على شكل نُواح أو تذمّر أو شكوى أو بكاء وقد تصل إلى حدِّ إيذاء النفس. إذا ظل الطفل في أثناء هذه النوبة في مكانه ولم يكن في وضع يعرّضه للأذى فأهمليه ولا تستسلمي لنوبات غضبه.

هل المديح ضروري؟
يحتاج الطفل بطبيعته إلى المديح ولكن قد يُسرف الوالدان في ذلك فتأتي النتائج عكس ما هو متوقّع. امدحي الطفل لسلوكه الحسن والتزامه طاعة والديه كذلك شجعيه على القيام بأشياء جديدة وخوض مهمات صعبة ولكن عوّديه القيام بعمل الأشياء لأسباب يدركها هو بنفسه أيضًا. فالثقة بالنفس والإحساس بالإنجاز يأتيان من القيام بالأعمال التي يفخر بها الطفل أما المديح الدائم فقد يجعله يتوقف عند كل مرحلة من مراحل عمل ما لتلبية رغبته في تلقّي المزيد من المديـح والإطـراء.