ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم ميلاد أمة

الأحد, 26 نوفمبر 2017


{وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.
ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم ميلاد أمة
الازمنة تشرف بما يقع فيها من أحداث جسام وقد أمرنا الله تبارك وتعالي أن نعتبر بالأيام وما يقع فيها فقال سبحانه علي لسان نبي الله موسي عليه السلام {وذكرهم بأيام الله} وحدث ميلاده صلى الله عليه وسلم من أعظم النعم التي أنعم الله بها على البشرية جمعاء إذ أصبحت الحياة قبل مولده يائسة فالقوى فيها يأكل الضعيف والشيطان اجتال بنى البشر فحوَّلهم عن دينهم الذى دعا إليه سائر الأنبياء والمرسلين قبل بعثته صلى الله عليه وسلم فأظلمت الحياة وعمَّ الجهل وانتشر الظلم وسادت شريعة الغاب وأصبح بعض البشر كالوحوش الكاسرة يصوِّر ذلك بعض الشعراء فيقول: أتيتَ والناس فوضى لا تمر بهم **** إلا على صنم قد هام في صنم فعاهل الروم يطغى فى رعيته**** وعاهل الفرس من كبر أصمّ عَمِي فكان لا بد للظلام من أن ينجلي ولا بُدَّ للفجر من أن ينبلج ضياؤه. لقد أشرقت الدنيا بميلاد خير البشر صلى الله عليه وسلم وسبق ذلك إرهاصات تبشر بمقدمه حيث تصدعت شرفات إيوان كسرى وغارت بحيرة ساوة وجفَّ ماؤها وأهلك الله تبارك وتعالى أبرهة الأشرم وجيشه الذى جاء يهدم الكعبة واستقبله جد رسول الله صلى الله عليه وسلم _عبد المطلب _ وكان حكيمًا في ردِّه على أبرهة حينما حدَّثه في شأن الكعبة وما موقفه وقد أتى أبرهة بجيشه لهدمها؟ 
فقال له عبد المطلب: أنا ربُّ الإبل وللبيت ربُّ يمنعه ويحميه. وبهذا الجواب يكون عبد المطلب قد عبَّر عن إيمانه التام بأنَّ الكعبة بيت الله القوىِّ الذى لايُغلب فمتى فكَّر أبرهة وغيره في هدمها كان انتقام القوىِّ القادر له بالمرصاد . وشاءت إرادة الله تعالى أن تتحقق نبوءة عبد المطلب في العام الذى وُلِد فيه محمد صلى الله عليه وسلم حيث أرسل الله طيرًا صغيرًا يحمل في مناقيره حجارة صغيرة الحجم اهلكت كل من اصابته من جنده وفيله التي كان يسوقها في مقدمة جيشه وهذا ما تحدث عنه القرآن فيما بعد إذ يقول الله تعالى مذكرًا العرب الأُمِّيين بدفاعه وحمايته لبيته الذى هو شرفهم وموطن فخرهم والذي جعله الله تعالى مثابة للناس وأمْنًا قال الله تعالى:{ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرًا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول}. ب
ل إنَّ إرهاصات صاحبت حمل أُمه به ووضعها له حيث تقول: حينما حملت به ما شعرتُ في حملي بما تشعر به النساء ولقد رأيتُ عند وضعي له كأنَّ نورًا يخرج منِّي فيُضئ قصور بُصْري ببلاد الشام. وكان أحبار يهود يصعدون علي ربوات عالية ويُنادون بأعلى صوتهم ليلة مولده قائلين: يا معشر يهود طلع الليلة نجمُ أحمد الذي يُولد به. ولله در القائل إذ يقول: ولد الرسول فيالها من فرحة **** غنت لشعب في الحجاز فرددا حفل اقيم لمصطفي فوق السما **** وبزينة نزل الحجاز لتسعدا يوم ارتوت غبراء مكة بالبكا **** وي كأن الحجارة لا تعبدا اصنام مكة من ضياء محمد **** مرضت وعز طبيبها وتشردا لقد كان ميلاده ميلاد أُمَّة فهو الذي أخرج به ربُّهُ البشريةَ من الظلمات إلي النور وأزال حيرتها وتخبطها العقائدي فردَّها إلي التو حيد الخالص ميراث إخوانه الأنبياء والمرسلين فكان بحق رحمة الله للعالمين: الجن والإنس والحيوان والنبات والجماد بل والملائكة الكل شملتهم رحمة الله التي تجسدت في شخص هذا النبي الكريم قال الله تعالي: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.