ينّاير عيد النساء تصنعه أيادي الأوراسيات بامتياز بخنشلة

الأربعاء, 10 يناير 2018

يسمى إيخفو أوسقاس أو آمنزو أنينّار أو
ينّاير .. عيد النساء تصنعه أيادي الأوراسيات بامتياز بخنشلة
يتجدد العهد مع رأس السنة الأمازيغية الذي يسمى إيخفو أوسقاس أو آمنزو أنينّار أو ما يعرف بعيد ينّاير نسبة إلى الشهر الأول من العام الأمازيغي بإحياء عادات وتقاليد رسخها الزمن في ذاكرة ولمسات الأمهات والجدات بخنشلة بمنطقة الأوراس عموما إلا أن تمسك بعض القبائل والأعراش في ولاية خنشلة بالتاريخ الأمازيغي جعل من بعض التقاليد شاهدا حيا على تراث مادي ولا مادي تميز به الفرد الشاوي الأمازيغي على مر العصور والأزمنة. 
يوسف.ت
تحتفل بعض العائلات عبر ربوع ولاية خنشلة برأس السنة الأمازيغية التي تتزامن مع تاريخ 12 يناير من كل سنة ميلادية الذي أقره رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بداية من هذه السنة يوما وطنيا وعطلة مدفوعة الأجر بتحضير عشاء خاص لليلة أول يوم من ينّار والذي يسمى آمنسي انينّار أو عشاء ينّار وهي المظهر الاحتفالي البارز أكثر من غيره في هذه المناسبة. و بالمقابل تظهر أجواء الاحتفال فضلا عن عشاء ينّار جلية بشكل أخص عند نساء و مسنات منطقة أولاد أو صيف الجبلية التابعة إقليميا لبلدية شلية بدائرة بوحمامة هذه الأخيرة المعروفة بسلسلة جبالها الساحرة والمميزة فتجدهن يتسابقن في تحضير عيد ينّار بيوم أو يومين مثلما يروي كمال حانو الخمسيني ابن مدينة بوحمامة مهتم بتراث المنطقة وتقاليدها وشاهد منذ الصغر على أجواء الاحتفال بهذا العيد. 
وقال المتحدث في وصفه مشاهد تتصل بعيد ينار علقت بذهنه منذ الصغر: إن التحضير له يبدأ من يوم العاشر من شهر يناير ويتواصل إلى غاية 12 من ذات الشهر المصادف لأول يوم من سنة الأمازيغية تحضر خلالها النساء لوازم طهي عشاء ينّار فضلا عن الأواني المخصصة لذلك والتي عادة ما تكون مصنوعة من مادة الطين فيقمن بأنفسهن بصنع أواني طينية وفخارية جديدة من قدر و طاجين و أكواب وغيرها كما ينظفن جدران وأرضية مطابخهن والخاص ضمن هذه التحضيرات هو تغيير أحجار موقد النار كواحد من الطقوس يعبر عن أمل الفرد الأمازيغي في تجديد عامه منذ مطلعه وأمله في أن يرجع عليه بالخير والبركات. 
النساء والتحضير له من اختصاصهن 
ويظهر بشكل جلي جهد النسوة والمسنات الأوراسيات في صنع أجواء الاحتفال بعيد ينّاير حتى أن بعض أهالي وشيوخ ولاية خنشلة من يسميه عيد النساء فهن من يقمن بتحضير كل شيء وهو الواقع الذي أكدته السيدة شريفة صاحبة 76 ربيعا ابنة منطقة أولاد أوصيف و إحدى مدبرات وصانعات أعياد ينار في عائلتها حيث اعتبرت الجدة شريفة عشاء ينّار وما يسبقه من استعدادات للاحتفال بالمناسبة جد خاص إذ تقوم النسوة والفتيات بعملية فتل ما يعرف محليا بـ العيش أو البربوشة والتي تعني تحويل الدقيق بعد أن يضاف إليه شيء من الملح والماء إلى كريات تكبر حجم حبات الدقيق بقليل والتي هي أساس تحضير أكلة ليلة ينّار التي تطهى بلحم الدجاج عادة. 
ومن العوائل حسب السيدة شريفة من تحضرن طبق العشاء بلحم الخليع (اللحم المقدد المجفف) دون أن ينسين إضافة شيء من الفول اليابس تيمنا بصلابة الرجل الأوراسي وقدرة تحمله للمتاعب والمشاق التي يمكن أن يواجهها خلال السنة الأمازيغية الجديدة علاوة على البطاطا والجزر الطازج وأخرى كفأل بأن يحل عام كله اخضرار ونجاح على الصعيد الفلاحي بشكل خاص ناهيك عن أطباق أخرى تتبع طبق عشاء ينار على غرار تحضير الرفيس الذي يصنع من تمر الغرس والزبدة والدقيق وفقا لذات المتحدثة وكذا تحضير خبزة ينار للأطفال الرضع الذين لم يتجاوزوا سن العام وكميزة راقية قالت السيدة شريفة أن لمّ شمل العائلة حول مائدة واحدة وتبادل الأطباق بين الأهل والجيران يبقى لها طعم جد خاص لا يتذوقه إلا من جربه وعاش فعلا تلك اللحظات التي تلتف فيها العائلة حول بعضها في جو من التآخي والتآزر.


رمزية ينّاير تاريخية والمناسبة مليئة بالعبر 
ويرمز أول يوم من يناير عند الأمازيغ إلى 950 قبل الميلاد تاريخ انتصار القائد شاشناق على رمسيس وجيوشه المنحدر من الأسرة الفرعونية المصرية وفقا لما اوضحه الباحث والمهتم بتاريخ وثقافة الأوراس وصاحب عديد المؤلفات التي خط فيها تاريخ منطقة الأوراس ووثق لأعلامها محمد الصالح أونيسي الذي يعتبر الاحتفال بهذه المناسبة رمزا للتحول من حال إلى حال على صعيد الحياة الاجتماعية كما أن أول يوم من أول شهر من السنة الأمازيغية محطة للأمل والتجديد والتفاؤل بسنة ناجحة فلاحيا لأن ينار عند الأمازيغ الذين كان معظمهم فلاحون هو في الاصل عيد فلاحي . 
وتوقف الباحث أونيسي للإشارة إلى أعياد ومناسبات الأمازيغ التي لها رمزية خاصة وتحوي في طياتها أبعادا اجتماعية تعكس طريقة عيش الفرد الأمازيغي في كل فترة من فترات السنة والتي ذكر منها عيد ثيفسوين المسمى أيضا بعيد الربيع و عنصلة الذي يحيى دخول كل صيف و الفطيرة التي يشتد فيها البرد أوائل فصل الربيع بالإضافة إلى نيسان أواخر شهر أبريل الذي يقيم فيه الأمازيغ طقوسا ينشدون فيها أشعارا يدعون فيها الله قصد نزول الغيث. 
أما عن رمزية عادات ينار فكلها حسب ذات الباحث تشير إلى أمل الفرد في النجاح والكسب طيلة السنةي فتجد أن الفرد الأمازيغي وفي تحضيره للمناسبة يغير الأثافي أو ما يعرف بأحجار الموقد أو إينقان بالشاوية كرمزية للتجديدي وتصعد النسوة إلى الجبال قبل ليلة ينار لجلب نوع من الأعشاب الخضراء ويقمن بوضعها على عتبات البيوت اعتقادا منهم بأن الخضرة هي رمز الخصوبة والحياة.