التوحيد هو الحل الوحيد الجزء الثاني والأخير

الثلاثاء, 23 يناير 2018

إلى الباحثين عن السعادة..
التَّوْحِيدُ.. هُوَ الحَلُّ الوَحِيدُ
الجزء الثاني والأخير
إعداد: أبو عبد العزيز منير الجزائري
كلمة التوحيد ليس كلمة تقال فحسب بل بتحقيق شروطها واجتناب نواقضها قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله:
.. قول العبد: لا إله إلا الله يقتضي أن لا إله له غير الله والإله هو الذي يطاع فلا يعصى هيبة له وإجلالا ومحبة وخوفا ورجاء وتوكلا عليه وسؤالا منه ودعاء له ولا يصلح ذلك كله إلا لله عز وجل فمن أشرك مخلوقا في شيء من هذه الأمور التي هي من خصائص الإلهية كان ذلك قدحا في إخلاصه في قوله: لا إله إلا الله ونقصا في توحيده وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيه من ذلك وهذا كله من فروع الشرك ولهذا ورد إطلاق الكفر والشرك على كثر من المعاصي التي منشؤها من طاعة غير الله أو خوفه أو رجائه أو التوكل عليه والعمل لأجله كما ورد إطلاق الشرك على الرياء وعلى الحلف بغير الله وعلى التوكل على غير الله والاعتماد عليه وعلى من سوَّى بين الله وبين المخلوق في المشيئة مثل أن يقول: ما شاء الله وشاء فلان وكذا قوله: مالي إلا الله وأنت وكذلك ما يقدح في التوحيد وتفرد الله بالنفع والضر كالطيرة والرقى المكروهة وإتيان الكهان وتصديقهم بما يقولون وكذلك اتباع هوى النفس فيما نهى الله عنه قادح في تمام التوحيد وكماله. ولهذا أطلق الشرع على كثير من الذنوب التي منشؤها من هوى النفس أنها كفر وشرك كقتال المسلم ومن أتى حائضا أو امرأة في دبرها ومن شرب الخمرة في المرة الرابعة وإن كان ذلك لا يخرجه عن الملة ولهذا قال السلف كفر دون كفر وشرك دون شرك كلمة الإخلاص وتحقيق معناها ص23ـ 25
وكما لا يخفى عليك أخي القارئ أن التوحيد ثلاثة أقسام فانشراح الصدر وتحقيق السعادة يكون بأقسامه الثلاثة كذلك وبيانه كالآتي:
إن إقرار العبد بأن الله وحده هو الخالق لهذا العالم بأسره واعترافه بأن الله عز وجل هو وحده المدبر يضفي على القلب حياة طيبة هنيئة فيزداد تعلق قلب العبد بربه تعالى كيف لا؟! وقد علم أن رزقه ليس من عند فلان ولا علان وإنما من عند خالق الإنس والجان القائل: _إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ_ [الذاريات:58]


أربعة أسرار..
قيل لإبراهيم بن أدهم: ما ِسر زهدك في هذه الدنيا؟ فقال: أربع: علمت أن رزقي لا يأخذه أحد غيري فاطمأن قلبي وعلمت أن عملي لا يقوم به أحد سواي فانشغلت به وعلمت أن الموت لا شك قادم فاستعددت له وعلمت أني لا محاله واقف بين يدي ربي فأعددت للسؤال جوابًا
وقال عامر بن قيس: ثلاث آيات من كتاب الله استغنيت بهن على ما أنا فيه: قرأت قول الله تعالى: _وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْر فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدُيرٌ_[الأنعام:17] فعلمت وأيقنت أن الله إذا أراد بي ضرا لم يقدر أحد على وجه الأرض أن يدفعه عني وإن أراد أن يعطيني شيئًا لم يقدر أحد أن يأخذه مني.
وقرأت قوله تعالى: _فاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ_ [البقرة:152] فاشتغلت بذكره جل وعلا عمّا سواه.
وقرأت قوله تعالى: _وَمَا مِن دَآبَّة فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَاب مُّبِين _ [هود:6] فعلمت وأيقنت وازددت ثقة بأن رزقي من عند الله لن يأخذه أحد غيري .
قال الشاعر:
وكيف أخاف الفقر والله رازقي * ورازق هذا الخلق في العسر واليسر
تكفل بالأرزاق للخلق كلهم * وللضب في البيداء والحوت في البحر
يرى الموحد عظمة ربه من خلال بعض آياته الكونية من جبال وبحار وسماء وأشجار وكيف يكور النهار على الليل ويكور الليل على النهار لذا حث الله عباده على التفكر في مخلوقاته قال تعالى:_إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّة وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَات لِّقَوْم يَعْقِلُونَ_ [البقرة:164]
فيداه ـ سبحانه ـ سحاء الليل والنهار وخيره في جميع الأوقات مدرارا يفرج كربا ويزيل غما ويغني فقيرا أو يفك أسيرا ويجبر كسيرا ويجيب سائلا ويعطي فقيرا عائلا ويجيب المضطرين ويستجيب للسائلين وينعم على من لم يسأله ويعافي من طلب العافية ولا يحرم من خيره عاصيا بل خيره يرتع فيه البر الفاجر ويجود على أوليائه بالتوفيق لصالح الأعمال ثم يحمدهم عليها ويضيفها إليهم وهي من جوده ويثيبهم عليها من الثواب العاجل والآجل ما لا يدركه الوصف ولا يخطر على العبد ويلطف بهم في جميع أمورهم ويوصل إليهم من الإحسان يدفع عنهم من النعم ما لا يشعره بكثير منه فسبحان من كل النعم التي بالعباد فمنه وإليه يجارون في دفع المكاره وتبارك من لا يحصي أحد ثناء عليه بل هو كما أثنى على نفسه وتعالى من يخلو العباد من كرمه طرفة عين بل لا وجود لهم ولا بقاء إلا بجوده [تفسير السعدي ص 238]


بين شكر وصبر..
يعلم الموحد أن الله هو وحده المدبر في هذا الكون فيرضى بقضائه وقدره حلوه ومره بل هو بين شكر وصبر..
عَنْ صُهَيْب قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَد إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ رواه مسلم (7692)
قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى:
فأحكم الحاكمين وأرحم الراحمين وأعلم العالمين الذي هو أرحم بعبادة منهم بأنفسهم ومن آبائهم وأمهاتهم إذا أنزل بهم ما يكرهون كان خيرا لهم من أن لا ينزله بهم نظرا منه لهم وإحسانا إليهم ولطفا بهم ولو مكنوا من الاختيار لأنفسهم لعجزوا عن القيام بمصالحهم علما وإرادة وعملا لكنه سبحانه تولى تدبير أمورهم بموجب علمه وحكمته ورحمته أحبوا أم كرهوا فعرف ذلك الموقنون بأسمائه وصفاته فلم يتهموه في شيء من أحكامه وخفي ذلك على الجهل به وبأسمائه وصفاته فنازعوه تدبيره وقدحوا في حكمته ولم ينقادوا لحكمه وعارضوا حكمه بعقولهم الفاسدة وآرائهم الباطلة وسياساتهم الجائرة فلا لربهم عرفوا ولا لمصالحهم حصلوا والله الموفق ثم يواصل رحمه الله كلامه في بيان أن هذا العلم مما يوجب السعادة الحقيقية فيقول رحمه الله: ومتى ظفر العبد بهذه المعرفة سكن في الدنيا قبل الآخرة في جنة لا يشبه فيها إلا نعيم الآخرة فإنه لا يزال راضيا عن ربه والرضا جنة الدنيا ومستراح العارفين فإنه طيب النفس بما يجري عليه من المقادير التي هي عين اختيار الله له وطمأنينتها إلى أحكامه الدينية وهذا هو الرضا بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا وما ذاق طعم الايمان من لم يحصل له ذلك وهذا الرضا هو بحسب معرفته بعدل الله وحكمته ورحمته وحسن اختياره فكلما كان بذلك أعرف كان به أرضى فقضاء الرب سبحانه في عبده دائر بين العدل والمصلحة والحكمة والرحمة لا يخرج عن ذلك البتة [الفوائد ص99]


توحيد الألوهية (توحيد العبادة):
فباعتبار إضافته إلى الله يسمى: توحيد الألوهية وباعتبار إضافته إلى الخلق يسمى توحيد العبادة [القول المفيد على كتاب التوحيد (1/14])
والعبادة كما عرّفها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة. فالصلاة والزكاة والصيام والحج وصدق الحديث وأداء الأمانة وبرّ الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد للكفار والمنافقين والإحسان للجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والمملوك من الآدميين والبهائم والدعاء والذكر والقراءة وأمثال ذلك من العبادة.
وكذلك حب الله ورسوله وخشية الله والإنابة إليه وإخلاص الدين له والصبر لحكمه والشكر لنعمه والرضا بقضائه والتوكل عليه والرجاء لرحمته والخوف من عذابه وأمثال ذلك هي من العبادة لله [العبودية ص 44]

توحيد العبادة:
هو إفراد الله تعالى بجميع أنواع العبادة فلا يعبد مع الله أحد ولا يعبد من دون الله أحد فلا إله إلا الله: لا معبود بحق إلا الله وكل ما عبد من دون الله فقد عبد بالباطل..


إن العبادة هي أساس السعادة
فمن أعظم أسباب السعادة في الدارين الإيمان مع العمل الصالح قال تعالى: _مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَر أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ_ [النحل: 97]
فأخبر تعالى ووعد من جمع بين الإيمان والعمل الصالح بالحياة الطيبة في هذه الدار وبالجزاء الحسن في هذه الدار وفي دار القرار.
وسبب ذلك واضح فإن المؤمنين بالله الإيمان الصحيح المثمر للعمل الصالح المصلح للقلوب والأخلاق والدنيا والآخرة معهم أصول وأسس يتلقون فيها جميع ما يرد عليهم من أسباب السرور والابتهاج وأسباب القلق والهم والأحزان.
يتلقون المحاب والمسار بقبول لها وشكر عليها واستعمال لها فيما ينفع فإذا استعملوها على هذا الوجه. أحدث لهم من الابتهاج بها والطمع في بقائها وبركتها ورجاء ثواب الشاكرين أموراً عظيمة تفوق بخيراتها وبركاتها هذه المسرات التي هذه ثمراتها.
ويتلقون المكاره والمضار والهم والغم بالمقاومة لما يمكنهم مقاومته وتخفيف ما يمكنهم تخفيفه والصبر الجميل لما ليس لهم منه بد وبذلك يحصل لهم من آثار المكاره من المقاومات النافعة والتجارب والقوة ومن الصبر واحتساب الأجر والثواب أمور عظيمة تضمحل معها المكاره وتحل محلها المسار والآمال الطيبة والطمع في فضل الله وثوابه.. فأخبر صلى الله عليه وسلم أن المؤمن يتضاعف غنمه وخيره وثمرات أعماله في كل ما يطرقه من السرور والمكاره.
لهذا تجد اثنين تطرقهما نائبة من نوائب الخير أو الشر فيتفاوتان تفاوتاً عظيماً في تلقيها وذلك بحسب تفاوتهما في الإيمان والعمل الصالح [الوسائل المفيدة للحياة السعيدة ص9]
وهذا أمر مشاهد فاسأل أخي القارئ الناس أهل الاستقامة منهم عن أسعد الأوقات وأفضل اللحظات فستجد إجابتهم لا تخرج عن مناجاتهم لربهم في الثلث الأخير أو بعرفات يوم عرفة أو بتنفيسهم لكربة من الكربات عن فقير أو مسكين..
وهذا الذي كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد عليه الأمر يفزع للعباد ليجد الراحة والطمئنينة كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى حسّنه الألباني (4703) وكان يقول لبلال رضي الله عنه يا بلال ! أقم الصلاة أرحنا بها صححه الألباني في صحيح الجامع (7892)
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه نعي إليه أخوه قثم وهو في سفر فاسترجع. ثم تنحى عن الطريق فأناخ فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول: _وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ_ [البقرة:45] 
قال بعض السلف: إني أدخل في الصلاة فأحمل هم خروجي منها ويضيق صدري إذا فرغت أني خارج منها
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
أوامر المحبوب سبحانه وتعالى قرة العيون وسرور القلوب ونعيم الأرواح ولذات النفوس وبها كمال النعيم فقُرَّةُ عين المحب في الصلاة والحج وفرح قلبه وسروره ونعيمه في ذلك وفي الصيام والذكر والتلاوة وأما الصدقة فعجب من العجب وأما الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله والصبر على أعداء الله سبحانه فاللذة بذلك أمر آخر لا يناله الوصف ولا يدركه من ليس له نصيب منه وكل من كان به أقوم كان نصيبه من الالتذاذ به أعظم [طريق الهجرتين وباب السعادتين ص101]


توحيد الأسماء والصفات:
وهو إفراد الله- عز وجل- بما له من الأسماء والصفات.
وهذا يتضمن شيئين: لأول: الإثبات وذلك بأن نثبت لله- عز وجل- جميع أسمائه وصفاته التي أثبتها لنفسه في كتابه أو سنة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
الثاني: نفي المماثلة وذلك بأن لا نجعل لله مثيلا في أسمائه وصفاته كما قال تعالى: _لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ_ [الشورى: الآية11] [القول المفيد على كتاب التوحيد (1/16ـ 17)]
وهذا النوع من التوحيد له الأثر العظيم في راحة العبد وسعادته فمن عرف الله بأسمائه وصفاته عظّمه حق التعظيم ونزّهه عن النقائص والعيوب..
فمن آمن بأن من أسماء الله تعالى العفو والغفور والرحيم وأن من صفاته المغفرة للمذنبين والرحمة والعفو دعاه ذلك إلى عدم اليأس من روح الله وإلى عدم القنوط من رحمته بل ينشرح صدره لما يرجو من رحمة ربه ومغفرته..
إذا أيقن المؤمن أن من أسماء الله تعالى القوي والقادر والعزيز وأنه تعالى يتولى المؤمنين بالحفظ والنصر أكسبه ذلك عظمة التوكل على الله والوثوق بنصره وعدم الهلع من أعدائه فيعيش قرير العين واثقا بحفظ الله وتأييده ونصره [تهذيب تسهيل العقيدة الإسلامية ص 78]
فيا إخواني في الله! الله الله في التوحيد فهو الحل الوحيد للظفر بالسعادة والرقي في درجات السيادة والأخذ بزمام القيادة والريادة رزقنا الله وإياكم الحسنى وزيادة.
فكما أن التوحيد بأنواعه الثلاثة من أعظم أسباب انشراح الصدر وراحته وسرور القلب وطمأنينته فهو كذلك من أعظم أسباب دفع الكرب والهموم ورحيل الأحزان والغموم والمتأمل في الأذكار النبوية المذهب لهذه الأمور كلها تجدها ذاكرة ومثبتة لأصل الأصول وسلّم الوصول= التوحيد.
عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم رواه البخاري(5985) ومسلم (6994)
وعن أسماء رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
الله الله ربي لا أشرك به شيئا رواه أبو داود وابن ماجة وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1824) وغيرها من الأحاديث النبوية.


اذكروا نعم الله..
كما لايفوتني إخواني أن أذكركم أمرا مهما وهو أن العلماء يقولون: التحدث بنعم الله الظاهرة والباطنة فإن معرفتها والتحدث بها يدفع الله به الهم والغم ويحث العبد على الشكر الذي هو أرفع المراتب وأعلاها حتى ولو كان العبد في حالة فقر أو مرض أو غيرهما من أنواع البلايا. فإنه إذا قابل بين نعم الله عليه - التي لا يحصى لها عد ولا حساب - وبين ما أصابه من مكروه لم يكن للمكروه إلى النعم نسبة [الوسائل المفيدة للحياة السعيدة ص 18]
فإذا كان تذكر نعم الله من أعظم أسباب السعادة فقولوا لي بربكم كيف هو حال الموحّد إذا تذكر أعظم نعمة؟!
قال الله تعالى:_يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ_ [النحل:2]
قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله:
وفي هذه الآية أول ما عدد الله على عباده من النِّعم في سورة النِّعم التي تسمى (سورة النحل) ولهذا قال ابن عيينة: ما أنعم الله على عبد من العباد نعمة أعظم من أن عرفهم لا إله إلا الله [كلمة الإخلاص وتحقيق معناها ص53]
فالعجب كل العجب بل من أعجب الأشياء:
أن تعرفه(سبحانه وتعالى) ثم لا تحبه وأن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الإجابة.
وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعمل غيره.
وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له. 
وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته. 
وأن تذوق عصرة القلب عند الخوض في غير حديثه والحديث عنه ثم لا تشتاق إلى انشراح الصدر بذكره ومناجاته.
وأن تذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره ولا تهرب منه إلى نعيم الإقبال عليه والإنابة إليه. 
وأعجب من هذا علمك أنك لابد لك منه وأنك أحوج شيء إليه وأنت عنه معرض وفيما يبعدك عنه راغب [الفوائد ص 50]
وفي الختام نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعلنا من عباده الموحدين فاللّهم احفظنا بالإسلام قائمين واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام راقدين ولا تشمت بنا الأعداء ولا الحاسدين.