شرطي العالم !

الاثنين, 12 نوفمبر 2018


بقلم: رشيد حسن
لا نذكر بالضبط من أطلق على أميركا لقب شرطي العالم ..وهو وصف ينطبق تماما على هذه الإمبراطورية..ويفسر كثيرا من سلوكياتها وأساليبها وتصرفاتها الفظة في الابتزاز والعمل على إخضاع الآخرين لنواميسها وتحويلهم إلى مجرد عبيد في إمبراطوريتها التي لا تغيب عنها الشمس كما كانت الإمبراطورية البريطانية وعلى غرارعبيد إمبراطورية روما القديمة..
الولايات المتحدة الأميركية هذه والتي طالما فاخرت بمبادىء رئيسها ولسون وتصديها للدفاع عن حقوق الإنسان والعديد من المبادئ والقيم النبيلة.. هي أميركا التي استعملت لأول مرة في التاريخ الأسلحة الذرية فضربت جزيرتي هيروشيما وناغازاكي عام 1945..وقتلت الملايين...
وأميركا هذه التي تفاخر وتفتخر دوما أنها أنقذت العالم وأنقذت الإنسانية من شرور النازية والفاشية حينما عبرت جيوشها وأساطيلها وطائراتها المحيطين الأطلسي والهادي للقضاء على إمبراطوريات الشر في اليابان وألمانيا وايطاليا وتخليص العالم الحر من هذا الوباء القاتل الذي أوشك أن يدمر كل المثل العليا التي تفاخر بها الحضارة البشرية.. وضحت من اجلها بتقديم خيرة أبنائها.. من الأحرار والمفكرين.. وفي مقدمة هذه المثل: الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة والمساواة..وحق تقرير المصير للشعوب وقوضت أحلام إمبراطوريات الشر القائمة على الاستبداد والاضطهاد والدكتاتورية وحكم الفرد والحزب الواحد والتمييز العنصري والفوقية ونفي الاخر..الخ.
أميركا هذه.. صحيح انها ضحت وأنقذت أوروبا والعالم الحر- كما تسميه- من شرورهتلر وموسوليني وطغمة جنرالات اليابان.. ولكنها أميركا التي قتلت الملايين في اليابان وفيتنام ولاوس وكمبوديا وكوريا وأفغانستان والعراق ودول أميركا الجنوبية وفي كل ارض وطئتها أقدام المارينز....الخ.
وأميركا هذه أيضا هي التي حولت دول أميركا الجنوبية إلى جمهويات للموز وإقطاعيات للمافيات وامتراء المخدرات وجمهوريا للطغاة امثال : باتيسا في كوبا و بينوشيت في تشيلي.. الخ.. الذي قتل الآلاف من أبناء شعبه في ملعب لكرة القدم بعد أن قاد انقلابا على المناضل الاممي الليندي بتدبير وإشراف من اسي.اي.ايه ..
وأميركا هذه التي تدعي أنها ضد الإرهاب وضد الإرهابيين... هي التي فرخت القاعدة في افغانستان وأمدتها بالسلاح والمال وبالمرتزقة وفتحت لها معسكرات التدريب في بيشاور والتي زارها ذات يوم مستشار الرئيس الأسبق كارتر.. بريجنسكي ووصف هؤلاء القتلة بأنهم رسل الحرية ..فإذا بهم ينقلبون إلى رسل للشيطان والموت والدمار فيدمرون برجي منهاتن في نيويورك مطلقين العنان لاقذر وأسوأ إرهاب يشهده التاريخ.
وأميركا هي التي فرخت واحتضنت داعش وأخواتها من التكفيريين القتلة في المشرق العربي.. لنشر الفوضى الهدامة وإعادة تقسيم العالم العربي من جديد إلى دويلات طائفية متنازعة متصارعة يسهل السيطرة عليها لاستنزاف خيرات ومقدرات وثروات الوطن العربي وتنصيب العدو الصهيوني شرطيا عليه..
ان ما نشاهده هذه الأيام من إقامة معسكرات لداعش والإرهابيين شرقي الفرات وفي النتف بإشراف وحماية القوات الاميركية لهو دليل واضح على إن واشنطن هي الحضن الدافىء ل داعش والإرهابيين ولا تزال تحكم العالم بعقلية الشرطي وترفض الانصياع إلى القوانين والشرائع الدولية.
لقد أدت الحرب على الإرهاب التي أعلنتها وقادتها واشنطن منذ كارثة ضرب برجي مانهاتن الى مقتل نصف مليون شخص في العراق وأفغانستان وباكستان كما يقول تقرير لمعهد واتسون للعلاقات الدولية الحياة اللندنية العاشر من الشهر الجاري
وقبل أن نختم هذا المقال لا بد من الإشارة إلى تبنى أميركا للعدو الصهيوني فلولا الدعم الأميركي المطلق لهذا العدو بدءا من وعد بلفور المشؤوم إلى اعتراف القرصان الأحمق ترامب بالقدس العربية الفلسطينية عاصمة لدولة الاغتصاب...
لولا هذا الدعم لما قامت دولة الإرهاب الصهيوني ولما استمرت 70 عاما على ارض فلسطين العربية ولما تجرأت على ارتكاب المجازر والمذابح والجرائم والمحارق بحق الشعب الفلسطيني منتهكة الشرائع والقوانين الدولية مصرة على الاستمرار في نهب الأرض وإقامة المستعمرات والحصار وارتكاب جرائم التطهير العرقي.
ترامب بحماقته التي فاقت كل الأوصاف.. جرد أميركا من كل الصفات التي حاولت أن تنتسب إليها وخاصة الدفاع عن حقوق الإنسان والحرية والعدالة وحق الشعوب في تقرير المصير...الخ
وها هي تثبت بأنها ليست إلا مجرد شرطي للعالم فمن يؤيد الاحتلال الصهيوني والاستيطان ويرفض حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.. لا يمت بصلة الى عالم القيم النبيلة فهو صهيوني بامتياز..