جمعية الجاحظية تحيي الذكرى الخامسة لوفاة العلامة أبو القاسم سعد الله

الثلاثاء, 25 ديسمبر 2018


رائد من رواد الأدب والتاريخ في الجزائر 
جمعية الجاحظية تحيي الذكرى الخامسة لوفاة العلامة أبو القاسم سعد الله


في 14 ديسمبر من كل سنة يقف التاريخ وقفة صمت لتسقط من عينيه دمعة حسرة وفقدان ويرسم في الوقت ذاته ابتسامة شكر وعرفان على رجل خلد اسمه بحروف من ذهب في سجله العظيم رجل يلقب بشيخ المؤرخين في الجزائر إنه أبو القاسم سعد الله العالم الموسوعي في زمن التخصص المؤرخ والأديب والمترجم والشاعر وذاكرة الجزائر التي لن تمحى.
نبذة عن حياة العلامة
ولد الشيخ العلامة أبو القاسم سعد الله سنة 1927م (عكس ماهو موثق بسنة 1930) الموافق لـ 1345ه بمدينة فمار بولاية وادي سوف جنوب شرق الجزائر حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة ثم انتقل الى الجارة تونس ليلتحق بجامع الزيتونة سنة 1947 إلى غاية 1954 كتب لجريدة البصائر سنة 1960 وحاز على شهادة الماجيستر في التاريخ والعلوم السياسية بكلية الآداب والعلوم الانسانية في العاصمة المصرية القاهرة ثم تحصل على شهادة الدوكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر ارتحل إلى الولايات المتحدة وكان لا يتقن غير العريية فأصبح بفضل تفانيه يتقن الفرنسية والانجليزية والألمانية والإغريقية القديمة حاز على شهادة الدوكتوراه من جامعة مينيسوتا بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1965 وكانت باللغة الانجليزية كما شغل منصب استاذ التاريخ بجامعة الجزائر منذ 1971 ودرس بجامعة الملك عبد العزيز بالسعودية وجامعة دمشق وبين سنتي 1996 و 2002 فعمل استاذا للتاريخ في جامعة آل البيت في الأردن.
أبو القاسم سعد الله والتاريخ
يلاحظ مدى اهتمامه بالتاريخ الثقافي للجزائر مقارنة بالمجالات الأخرى من هذا التاريخ ويبرز  ذلك بجلاء من خلال عمله الكبير تاريخ الجزائر الثقافي لكن هذا ليس معناه عدم اهتمامه تماما بالتاريخ السياسي فقد أنجز ثلاثة أجزاء كاملة عن الحركة الوطنية الجزائرية التي يردّ بداياتها إلى البذور الأولى للمقاومة في 1830 مع مقاومة محمد بن زعموم والشيخ السعدي في المتيجة ويرد بذلك على الاطروحات التي ترد الحركة الوطنية إلى بدايات القرن العشرين وتستند على عدم وجود فكرة الوطنية  في جزائر 1830 وأنها فكرة أوروبية حديثة العهد. كان يسعى لتنقيح التاريخ من الشوائب وخاصة ما دسه المستشرقون وشوهوه.
تبقى نظرة أبو القاسم سعد الله في كل أعماله التاريخية تأليفا وترجمة بأنها عملية مستمرة. اهتم سعد الله بالإنتاج التاريخي المتعلق بتراث الجزائر الذي كان ممثلا في باكورة أعماله.وأهمها موسوعة تاريخ الجزائر الثقافي وكتاب شعوب وقوميات الحركة الوطنية الجزائرية ديوان الزمن الأخضر والسعفة الخضراء.وكتب عديدة في التاريخ والأدب والنقد ومن بين أهم المحطات في حياته انه رفض منصب وزير الثقافة ومنصب رئيس جامعة الجزائر ومنصب سفير الجزائر في دمشق ومنصب سفير الجزائر في مصر ولما سئل عن رفضه في أن يتقلد منصب الوزير قال: أريد أن أتفرغ للعلم وأشياء أخرى تهم الوطن فأنا مواطن وكل مواطن يجب أن يقوم بمهمته في المجال الذي خلق من أجله.


أبو القاسم سعد الله بأقلام تلامذته
د.بلغيث محمد الأمين وفي الذكرى الخامسة لرحيل الدكتور سعد من مقر جمعية الجاحظية يقول متحسرا على الوضع الذي كان يعيش فيه: الدكتور سعدالله رجل محاصر ويعتبر كمسروق من زاوية..كان مهمشا وخاصة من اتباع ستورا ومنييه. واتهموه بأنه قومجي ومتعصب عاش غربة في هذا الوطن حتى أنهم بعثوا له ورقة تقاعده عبر البريد لم يكن يملك مالا ليدفع الكراء او يدرس ابنه حتى أنه اشترى سكنا من عمله في جامعة آل البيت بالأردن. ووفاته كانت انبعاثا جديدا له .أما الدكتور محمد أرزقي فراد فوصفه قائلا: قامة شامخة في العلم إذ راجع بعض مواقفه المشددة إزاء الثقافة الشعبية والمكون الأمازيغي في الشخصية الجزائرية والمغاربية بصفة عامة سعد الله يحمل على كاهله هاجس الحضارة الانسانية فدعى إلى التثاقف والمثاقفة. وذكر ارزقي فراد موقف الدكتور أبو القاسم سعد الله من جمعية العلماء وأنها بفكرها الاصلاحي هي أساس الحركة الوطنية. ويضيف الدبلوماسي والناقد ابراهيم رماني ان سعد الله رائد الدراسات النقدية والأدبية في الجزائر مثلما هو رائد الشعر الحر ومؤسس النقد الاكاديمي العلمي. ويضيف الكاتب محمد عباس من ذات المنبر:سعد الله كان من فرسان مجلة الثقافة العربية والتي أشرف عليها الكاتب سهيل ادريس كما أنني ألفت كتابا جمعت فيه بين سعد الله ومهري عبد الحميد لأنهما يلتقيان في الأصالة والوطنية وكان أبو القاسم شعلة من النشاط وهو أول من نظم ندوات علمية وأدبية في قاعة النفق الجامعي التي تحاصرها المحلات الآن من كل جهة بعد توقف نشاطها.
فحقيق بهذا الرجل أن تقام له في كل ذكرى من تاريخ الجزائر محاضرة تعدد مناقبه وتضحياته الجسيمة في سبيل تدوين تاريخ الجزائر العظيم.
عبد الحليم بن ساسي