هكذا تغيّر وجه إيطاليا في شهر واحد

الأحد, 22 مارس 2020


مئات الموتى كل يوم منذ رحيل أول مصاب بكورونا
هكذا تغيّر وجه إيطاليا في شهر واحد
في مثل هذا اليوم من الشهر الماضي توفي أدريانو تريفيسان بمستشفى قريب من بادوا شمالي إيطاليا فكان أول ضحايا فيروس كورونا المستجد في أوروبا وخلال هذا الشهر تغيّر وجه إيطاليا.
خلال هذا الشهر الطويل توفي نحو خمسة آلاف شخص وتبدل وجه إيطاليا إلى غير رجعة.
لم يخطر ببال أي من الستين مليون إيطالي أنه سيضطر إلى التزام حجر منزلي صارم لا أحد يدري متى سيُرفع وأن الصمت سيلف البلد والمراكب سترسو على أرصفة البندقية حتى إشعار آخر.
في يوم وفاة تريفيسان (78 عاما) عامل البناء المتقاعد الذي كان يحب صيد السمك ولعب الورق مع رفاقه في الحانة بقرية فو كان مصمما الأزياء فيرساتشي وفرانكي موريلو يعرضان مجموعات الخريف في ميلانو.
وفي موقع آخر كان مشجعو فريق لاتسيو يحلمون بأن ينافس فريقهم على لقب الدوري الإيطالي لكرة القدم الذي توج به للمرة الأخيرة عام 2000 لا سيما أنه كان يحتل المركز الثاني في الترتيب بفارق نقطة فقط عن المتصدر وحامل اللقب يوفنتوس.
وفي أثناء ذلك كانت المطاعم والحانات المكتظة مليئة بأصداء مناقشات وأحاديث حول هشاشة حكومة جوزيبي كونتي.
وكان السياح يتقاطرون إلى ساحة القيصر حيث تم اكتشاف تابوت حجري يعتقد أنه يعود لمؤسس المدينة الخالدة رومولوس. وصدر عن معهد الإحصائيات نبأ سار إذ أعلن أن الطلبيات التي تلقتها المصانع الإيطالية سجلت في ديسمبر/كانون الأول الماضي زيادة بنسبة 6 عن الشهر ذاته من السنة السابقة.
*خوف ونزوح جماعي
بالطبع مع ظهور الوباء أغلقت المنتزهات في نحو عشر مناطق في شمال البلاد واتخذت تدابير حجر ولا سيما في كودونيو قرب لودي وسط تهافت الصحفيين إلى المنطقة ومعظمهم بلا كمامات.
وفي أثناء ذلك كان رئيس الوزراء لا يزال يطمئن المواطنين قائلا كل شيء تحت السيطرة .
لكن غداة وفاة تريفيسان تصدر فيروس كورونا الصحف الإيطالية تحت عناوين مثل إيطاليا تخشى انتقال العدوى (لا ستامبا) و خوف في الشمال (لا ريبوبليكا).
ومع ذلك لم يسيطر الخوف على الإيطاليين فعلا إلا يومي 7 و8 مارس الجاري حين فرضت تدابير الحجر المنزلي على 10 ملايين نسمة وسط زيادة حادة للإصابات في شمالي البلاد ولا سيما في لومبارديا.
وبالتوزاي مع فرض الحجر المنزلي في الشمال فر آلاف السكان متوجهين في غالب الأحيان إلى الجنوب الذي ينحدرون منه وجميعهم معرض لحمل العدوى حيث تبين أن من بين المصابين بالمرض في بوليا عند أقصى جنوب شرقي إيطاليا العديد من أهالي نازحين وقضى 26 شخصا في هذه المنطقة.
وأطل جوزيبي كونتي في وقت متأخر من مساء 10 مارس على مواطنيه بنبرة وجوم ليعلن توسيع تدابير الحجر المنزلي لتشمل البلد بأسره فتم إغلاق المتاجر غير الأساسية ومنع التنقل إلا للضرورات القصوى والمهنية وحظر التجمعات بكل أنواعها مشيرا إلى أن النتائج ستظهر بعد أسبوعين.
عداد الموت السريع
بدت هذه التدابير سريالية للعديدين. وفي اليوم التالي تم تغريم أشخاص شاركوا في جنازة بصقلية.
وانتشر مقطع فيديو على فيسبوك يظهر فيها جيان فيليبو لانكيري رئيس بلدية ديليا -وهي مدينة صغيرة في الجزيرة- وهو يقول مستنكرا في نوبة غضب حين يقولون لي: سيدي رئيس البلدية لا يفترض بك أن تُفزع الناس!.. إنها جائحة! ليست وباء بل وباء عالمي! ولا يُفترض بنا أن نفزع الناس؟ .
ويتابع الايطاليون الحصيلة التي ترتفع يوما بعد يوم إلى أن تخطت يوم السبت عتبة 700 وفاة في 24 ساعة.
وأغلقت الكنائس بينما تشكلت صفوف انتظار طويلة أمام محلات البقالة حيث لا يدخل الناس إلا بأعداد ضئيلة.
أما مراسم الدفن فتقتصر على إجراءات سريعة لا يحضرها سوى أقرب الأقرباء. وباتت الشرطة تتثبت يوميا من أوراق 200 ألف شخص وقد يساندها الجيش أيضا.
كان لكلمة كونتي وقع الصدمة على الإيطاليين الذين يفهمون الوضع في معظمهم وهم ينظرون بذعر إلى جيرانهم الفرنسيين يحتفلون بالآلاف بتأهل نادي باريس سان جيرمان في دوري أبطال أوروبا أو ينظمون الدورة الأولى من انتخاباتهم البلدية فيصورون فيديوهات يحذرون فيها باقي العالم حاضرنا هو مستقبلكم . 
*البقاء في البيوت
سيتم تمديد تدابير الحجر المنزلي المقررة بالأساس حتى 3 أفريل المقبل وهو إجراء يحظى بتأييد شبه كامل بين الإيطاليين وفق استطلاع للرأي نشرت نتائجه الخميس في صحيفة لا ريبوبليكا .
الزم المنزل ذلك هو الشعار الجديد للإيطاليين الذين يطلون منذ 10 مارس من شرفاتهم أو نوافذهم ليغنوا أو يعزفوا موسيقى أو يصفقوا للفرق الطبية تبعهم إلى ذلك أشخاص في شتى أنحاء العالم مثل سكان باريس ومدريد وبرشلونة وساراييفو.
لكن سون شوبينغ نائب رئيس الصليب الأحمر الصيني الذي قصد إيطاليا ليضع خبرته في التعامل مع وباء انطلق من بلاده في خدمة الإيطاليين رأى أن التدابير المتخذة هنا غير صارمة بما يكفي ونبه السلطات أول أمس الخميس عليكم وقف أي نشاط اقتصادي.. يجب أن يبقى الجميع في منازلهم .