تعديل الدستور حجر الأساس لبناء جمهورية جديدة

الاثنين, 14 سبتمبر 2020

دعا إلى ممارسة سليمة للإعلام.. الوزير بلحيمر: 
تعديل الدستور حجر الأساس لبناء جمهورية جديدة

* لجنة الخبراء تلقت 5018 مساهمة لإثراء الدستور
*
س. إبراهيم*
تطرق وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة عمار بلحيمر في حوار أجرته معه وكالة الأنباء الجزائرية إلى عديد الجوانب المتعلقة بالنقاش الإعلامي الذي تعتزم الوزارة إطلاقه بخصوص الاستفتاء حول مراجعة الدستور المرتقب في الفاتح من شهر نوفمبر المقبل. وقد جاء هذا الحوار غداة مصادقة البرلمان على هذا المشروع وأيام قبل استدعاء الهيئة الناخبة.
وأشار وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة إلى أن لجنة الخبراء التي تلقت أكثر من خمسة آلاف مساهمة لإثراء الدستور قد تقيّدت بالمهمة التي أوكلت لها وهي جعل تعديل الدستور حجر الأساس لبناء جمهورية جديدة بغية تحقيق مطالب شعبنا المعبّر عنها خلال الحراك الشعبي .
ونظرا لأهمية مضمونه تنشر أخبار اليوم فحور المقابلة الصحفية التي أجرتها وكالة الأنباء الجزائرية مع الوزير عمار بلحيمر..


* سيدي الوزير أعلنتم فتح نقاش حول مشروع تعديل الدستور ابتداء من 16 سبتمبر الجاري. كيف سينظم هذا النقاش وهل يمكنكم تقديم تفاصيل أكثر عن هذا الموضوع؟
ـ يوافق التاريخ الذي ذكرتموه الاستدعاء الوشيك للهيئة الناخبة لاستفتاء أول نوفمبر المقبل ليقرر الشعب بشأن مشروع تعديل الدستور.
خرجنا للتو من مرحلتين فاصلتين من الدرب الطويل الذي سيقودنا إلى الفاتح من نوفمبر: انتهاء عمل لجنة الخبراء التي يترأسها زميلي أحمد لعرابة التي استقبلت ما لا يقل عن 5018 مساهمة إثراء من جهة والمصادقة على مشروع النص على مستوى المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة بعد مناقشات محدودة في كنفهما من جهة أخرى.
وتقيّدت لجنة الخبراء تقيدا وثيقا بالمهمة التي أوكلت لها ضمن خارطة طريق رئيس الجمهورية ألا وهي أن يشكّل تعديل الدستور حجر الأساس لبناء جمهورية جديدة بغية تحقيق مطالب شعبنا المعبر عنها خلال الحراك الشعبي .
ويجدر التذكير من جهة أخرى بأن هذه الورشة من أجل دستور مراجع ومعدل هي بمثابة تجسيد لأولى الالتزامات الانتخابية الـ54 لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون المتضمنة تأسيس جمهورية جديدة تستجيب لتطلعات الشعب.
وللتذكير فان الوعد الانتخابي يوضح أن هذا التعديل يهدف إلى تكريس الديمقراطية وفصل تام بين السلطات وتعزيز سلطات الرقابة البرلمانية وضمان سير منسجم للمؤسسات وتجنب كل انحراف استبدادي من خلال وضع ضوابط فعالة وتكريس مبدأ ان يصبح تحديد العهدة الرئاسية بعهدة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة أمرا ثابتا لا يمكن المساس به وحصر الحصانة البرلمانية في الأفعال والأقوال الواردة في سياق النشاط البرلماني.
ويشرك النقاش الذي تعتزم الوزارة الشروع فيه بمجرد استدعاء الهيئة الناخبة بشكل مباشر ثلاثة فاعلين أساسيين كل في نطاق الدور المنوط به قانونا: أولا المؤسسات العمومية والخاصة للصحافة المكتوبة والالكترونية والسمعية البصرية وثانيا السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات وثالثا سلطة ضبط السمعي البصري.
وتتدخل وزارة الاتصال هنا وفقا للصلاحيات المخولة لها قانونا لاسيما في المادة الأولى من المرسوم التنفيذي رقم 11-216 المؤرخ في 12 جوان 2011 المحدد لصلاحياتها الرسمية: في إطار السياسة العامة للحكومة ومخطط عملها المصادق عليهما طبقا لأحكام الدستور يمارس وزير الاتصال صلاحياته على مجمل النشاطات المرتبطة بترقية ودعم الديمقراطية وحرية التعبير وكذا تطوير الاتصال .
من جهتها تضطلع سلطة ضبط السمعي البصري بمهمتها المحددة في المادة 54 الفقرة 5 من القانون رقم 14-04 المؤرخ في 24 فبراير 2014 المتعلق بالنشاط السمعي البصري المتمثلة في السهر بكل الوسائل الملائمة على احترام التعبير التعددي للتيارات الفكرية وللرأي من خلال برامج التلفزيون والإذاعة وخاصة عن طريق الحصص السياسية الإخبارية والعامة .
أما السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات فهي مكلفة بتحضيرها وتنظيمها وتسييرها والإشراف عليها ما يتضمن في جميع المراحل جانبا جليا يتعلق بالاتصال.
وقد تطرق القانون العضوي 19-07 المؤرخ في 14 سبتمبر 2019 المتعلق بالسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات مطولا لصلاحياتها في مجال الاتصال. وتكلف المادة 8 من هذا القانون هذه السلطة بـ: تحديد أماكن تعليق الملصقات وضمان توزيعها العادل والمنصف داخل كل دائرة انتخابية (الفقرة 7).
التوزيع العادل والمنصف للحيز الزمني المخصص للمترشحين في وسائل الإعلام الوطنية السمعية والبصرية بالتنسيق مع سلطة الضبط المشرفة على السمعي البصري (الفقرة 9).
تسهيل عمل المؤسسات الإعلامية والصحفيين لمتابعة مختلف مراحل العمليات الانتخابية (الفقرة 10).
ويتناول هذا الحكم المنافسة بين المترشحين وهو ما لن يكون في حالة الاستفتاء المقبل. وبالتالي هنالك بعض التكييفات لا بد من القيام بها. وفي هذا الصدد يقع على عاتق المجلس وهو الهيئة المداولة للسلطة المستقلة تطبيق الفقرة 6 من المادة 19 لمداولات 17 سبتمبر المتضمنة النظام الداخلي (للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات) من أجل دعوة شخصيات أو مؤسسات للمشاركة في النشاطات للاستفادة من خبراتهم.
ويمكن للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات إيجاد هذه الخبرات لدى متعاملين عموميين أو خواص.


* ستتم تعبئة الصحافة المكتوبة ووسائل الإعلام السمعية البصرية لهذه العملية. كيف ترون دور وسائل الإعلام في حملة الشرح والتحسيس التي ستنظم تحسبا للاستفتاء الشعبي المرتقب في الفاتح نوفمبر المقبل؟
ـ إن الرهان البيداغوجي للحملة التي ستنطلق مباشرة بعد استدعاء الهيئة الناخبة جلي وواضح إذ يستدعي كافة الفاعلين السياسيين والجمعويين وحتى الأكاديميين.
الأمر لا يتعلق بتاتا بالتراجع عن الخيار المؤسساتي المقرر لمباشرة الإصلاحات متعددة القطاعات العميقة التي يتطلبها الوضع لصالح أي سيناريو آخر انتقالي .
إن تخطي اللعبة المؤسساتية كعدم المشاركة في النقاش الذي يسعى أن يكون واسعا ومتعددا وشاملا حول مشروع تعديل الدستور أو حتى عدم المشاركة في الاستشارات المقبلة المرتقبة حول النص يؤدي إلى كارثة.
كما أن المادة 8 من الدستور الحالي الذي يؤطر اللعبة المؤسساتية يمنح السلطة التأسيسية للشعب الذي يمارسها بواسطة المؤسسات التي يختارها أو عن طريق الاستفتاء او ممثليه المنتخبين.
وقد قرر رئيس الجمهورية أن يلتجئ إلى إرادة الشعب عن طريق الاستفتاء دون تخطي التصويت بنقاشات محدودة بغرفتي البرلمان.
وتنص المادة 149 من قانون الانتخابات بان استدعاء الهيئة الناخبة يكون بموجب مرسوم رئاسي قبل 45 يوما من تاريخ الاستفتاء مع التوضيح ان يرفق النص المقترح للاستفتاء بالمرسوم الرئاسي المذكور في الفقرة اعلاه .
وبعد المصادقة على مشروع تعديل الدستور من طرف البرلمان يقوم رئيس الجمهورية باستدعاء الهيئة الناخبة ويرفق نص القانون بالمرسوم الصادر.
وبالعودة إلى سؤالكم ومثلما تم الاتفاق عليه بالنسبة لوكالة الأنباء الجزائرية فإن التغطية الإعلامية للاستفتاء الشعبي سترتكز على أربعة محاور وهي الشرح والتبسيط والتحسيس وسير الاستفتاء وردود الأفعال.
وستتضمن حملة شرح وتبسيط الاقتراحات التي وردت في المحاور الستة لمسودة المشروع:
- الحقوق الأساسية والحريات العامة
- تعزيز الفصل بين السلطات وتوازنها
- استقلالية العدالة
- استقلالية المحكمة الدستورية
- الشفافية ومحاربة الفساد والوقاية منه
- السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات
وتجدر الإشارة هنا إلى ايلاء اهتمام خاص للفصل بين السلطات وتوازنها وأخلقة الحياة العامة والطابع الاجتماعي للدولة التي لا تزول بزوال الرجال وتغير الاحوال بفضل القانون.
كما سيتم القيام بالتحسيس عن طريق تغطية الأحداث وانجاز الحوارات والتقارير الحية المكتوبة والسمعية البصرية.
وتشمل مرحلة الاقتراع التكفل بثلاث حاجيات تتعلق الأولى منها بالتنظيم والسير الحسن للاستفتاء.
أما الثانية فتخص تغطية عملية انتخاب الجالية الجزائرية في الخارج والسكان البدو الرحل في الجنوب والهضاب العليا عن طريق المراسلين الصحفيين.
وثالثهما يتعلق بيوم الاستفتاء وكل التغطيات المرتقبة من سير الانتخاب إلى متابعة نسب المشاركة والتقارير الحية من داخل مكاتب الاقتراع الخ...
وآخر مرحلة هي ردود الافعال لمختلف الفاعلين لا سيما المجتمع المدني والاحزاب والشخصيات السياسية والخبراء والمواطنين. كما يجب خلال هذه المرحلة ان تنبثق عنها آفاق مستقبلية تتجسد من خلالها الترتيبات القانونية.


دعوة إلى ممارسة سليمة وهادئة للمهنة 
* هل بإمكانكم بصفتكم الناطق الرسمي للحكومة تنويرنا بخصوص الاستراتيجية الإعلامية التي تعتزم الحكومة انتهاجها خلال الحملة الانتخابية لاسيما في مجال احترام القواعد الاخلاقية والمهنية؟
ـ فيما يخص مجال السمعي البصري تتوفر السلطة الوطنية لضبط السمعي البصري على وسائل يقظة ومتابعة التي ترخص لها بمعاقبة كل انتهاك للقواعد الأخلاقية والمهنية إلى جانب الاخطارات الممكنة الواردة من الاطراف المؤهلة لذلك.
وفيما يخص الصحافة المكتوبة والالكترونية في انتظار تنصيب المجلس الوطني للصحافة المكتوبة والضبط الذاتي الذي سيؤسسه فاننا نعول على القيم النبيلة للمواطنة والوطنية والاحترافية وروح المسؤولية للعناوين الموجودة والمتجذرة بقوة لدى زملائنا بغية جعل موعد الفاتح نوفمبر منعطفا حاسما في مسار بناء الجزائر الجديدة.
ولا يمكن للتحذيرات المتكررة للوزارة فيما يخص المساس بالقواعد الأخلاقية والمهنية ان تغفل التمسك الواسع والعميق للأغلبية الساحقة من صحفيينا بممارسة سليمة وهادئة للمهنة.