فرنسا وأول تجربة تنصيرية في التاريخ

الأحد, 29 نوفمبر 2020


في مدينة الأبيض سيد الشيخ
فرنسا وأول تجربة تنصيرية في التاريخ
 -الجزء العشرون
  بقلم: الطيب بن إبراهيم
  
 بعد أن أكمل رئيس إرسالية إخوة يسوع الصغار بناء كنيسة إرساليته في مدخل مدينة الأبيض سيد الشيخ وقام بحفل افتتاحها وبعد ان افترق الجميع واختلى رئيس الارسالية بكنيسته واتضحت معالمها امام عينيه ومتّع ناظريه بها كتب في أحد تقاريره معلقا عليها قائلا: أنها أكبر قبّة في المدينة وهي مُصمّمة بشكل قبّة فعلا. 
تظهر الكنيسة من خلال شكلها الخارجي انها تشبه قبب المدينة لكنها اكبرهم مساحة واعلاهم ارتفاعا إذ يبلغ ارتفاع قبتها المركزية تسعة (09) أمتار وقد سبق وان أشرنا في حلقة سابقة الى وصْف الكنيسة بانها شبيهة بقبب المدينة من خلال مظهرها وهو ما لاحظه كل زائر للمدينة منذ بناء الكنيسة.  
لم يكن بناء كنيسة الابيض مشابها لقبة سيدي الشيخ صدفة ولم يتم بطريقة عفوية بل كان بطريقة مدروسة ومقصودة ومخطط لها. يقول قس الكنيسة ومصمم شكلها وهندستها فوايوم : اثناء وصولي لأول مرة لمنطقة القصور أدهشني جمال وهندسة قبب اولاد سيدي الشيخ فحَلُمنا ببناء كنيسة بهذا الاسلوب .
 بعد وصول الاب فوايوم لمدينة الابيض في شهر اكتوبر سنة 1933 بدأ مباشرة في ترتيب اموره ومع بداية شهر نوفمبر بدا في رسم الخطط لبناء كنيسته المنتظرة التي انطلقت اشغال بنائها في شهر ديسمبر بعد ان اتُّخِذ قرار بنائها على شكل قبة سيدي الشيخ هذه الاخيرة التي واصفها الاب فوايوم من الداخل قائلا هي : قبة مركزية مرتفعة مدعومة بأربع أعمدة كبيرة تحيط بقبر سيدي الشيخ. كانت هذه القبة محاطة بأربعة قبب صغيرة على زواياها وهذا الشكل يناسب بناء كنيستنا لكن لابد من توسيع الماسحة بين الاعمدة الاربعة لتكون مساحة الكنيسة كافية لوضع المذبح. ويواصل مصمم بناء الكنيسة قائلا: بعد ان أمرت بتعديلات معينة سواء في النسب العامة أو في خط الترتيب الداخلي: اصبحت الجوقة والمذبح بالضرورة تشكل مساحة أكبر من القبر البسيط لـ الصوفي بين الأعمدة الأربعة المثمنة لقبة سيدي الشيخ. وبهذه التعديلات التي فرضتها الضرورات والتي كان لها في المقام الأول توسعة الموقع المركزي للمذبح بالإضافة للجزء المخصص للضيوف والمُرْتادين وهو مفصول عن الجوقة بشبكة خشبية وهكذا تم تجسيد الدعوة الافخارستية التي هي اساس حياة إخوة يسوع الصغار.  
ويعود القس روني فوايوم مرة اخرى للوائح شيخه دي فوكو للبحث عن موقفه من اختيار بناء كيسته بشكل قبة فيجد توافقا بين خياره وخيار شيخه الذي لا يمانع  في ايجاد صحن واحد لمبنى الكنيسة يتسع حول المذبح وللمقارنة بين مبنى قبة سيدي الشيخ وكنيسته يقول القس فوايوم : في الجوقة الدينية ثلاثة علاقات بناء في الحرم ( المحراب ) أربعة أعمدة مثمّنة من الحجارة الصلبة متصلة بالجدار بواسطة ثمانية أقواس مكسورة صغيرة هذه الأقواس تدعم قباب الزوايا الأربعة الصغيرة في الوسط ترتبط الأعمدة بأربعة أقواس مكسورة كبيرة ويتم إغلاق القوس بواسطة القبة المركزية الكبيرة بالإضافة لوجود نقاط جلوس وهي عبارة عن مقاعد خشبية مُسْنَدة لجدران الجوقة على المذبح وكما أوصى دي فوكو لا توجد الزهور أو الدانتيل فقط صليب خشبي وشمعدانات وعلى الأرض سجادة واحدة أمام المذبح وفي الجوقة الحصير فقط لا وجود لأي نحت الزخرفة الوحيدة هي سلسلة طويلة من نقوش كتابات عربية بارتفاع 35 سم منقوشة على الجص والتي تمتد على طول الجدار فوق مقاعد الكورال وحول المحراب بالإضافة لنقشان آخران أحدهما في قاعدة القبة المركزية والآخر على شكل لوحة كبيرة على الجدار الخلفي . ويواصل القس فوايوم قائلا: النصوص نقشت بالخط العربي الكوفي المرابطي وهي مأخوذة من العهد القديم والجديد. 
 وهكذا صممت الكنيسة على شكل قبة سيدي الشيخ في تصميمها الداخلي وفي شكلها الخارجي ويظهر ان رجال الكنيسة كانت لهم معلومات دقيقة ومفصلة عن ابعاد وارتفاع  قبة سيدي الشيخ وعن مكان القبر وسط القبة وهذا ما تم تقليده فكانت الكنيسة قبة اخرى اكبر حجما واعلى ارتفاعا مما جعل بانيها يصفها بانها القبة الاكبر بالمدينة قائلا : 
 . L église est maintenant la qoubba la plus grande du pays
يتبع ...