الموقف الإيماني ـ التربوي في غزوة بدر

الأربعاء, 28 أبريل 2021

لا نصر بدون عدل وإنصاف
الموقف الإيماني ـ التربوي في غزوة بدر

* الشيخ أبو إسماعيل خليفة

إن غزوة بدر الكبرى مَعلَمًا عريقًا ودستورًا منيرًا للدعاة والمصلحين والمجاهدين في معاركهم مع الباطل.. 
غزوة بدر الكبرى التي كان السبب الحقيقي لها: لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ .
وإن الدروس المستفادة من غزوة بدر لا تنتهي ولكن ليس الغرض كثرة الحديث وإنما الاستفادة من الحادث.. فكثيرة هي تلك القيم الحضارية التي ظهرت في غزوة بدر كأحداث رئيسة في المعركة ولكن في هذه العجالة أقف معكم حول هذه اللطيفة التي ذكرها ابن إسحاق في سيرته فقال:
حدثنا حَبَّان بن واسع عن أَشياخ من قومه: أَن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عَدَّل الصفوف يوم بدر وفي يده قِدْح يُعدّل به القوم فمرّ بسواد بن غَزِيّة حليف بني عَدِيّ بن النجار وهو مُسْتَنْتل من الصف فطعنه رسول الله بالقدح في بطنه وقال: استَو يا سواد فقال: يا رسول الله أَوجَعْتني وقد بعثك الله بالحق فأَقِدْني. فكشف رسول الله عن بطنه وقال: استَقِدْ (اقتصّ) فاعتنقه وقَبّل بطنه وقال: مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا يَا سَوَادُ ؟ فقال: يا رسول الله حَضَر ما ترى ولم آمن القتل فإني أُحِبّ أَن أَكون آخر العهد بك أَنْ يمس جلدي جلدَك فدعا له رسول الله بخير.
إنها ساعة الحسم في المعركة وفي أجوائها وبين صهيل الخيول وصليل السيوف والخطب شديد..
ولكن حقوق الناس أولى وما أدراك ما حقوق الناس؟. 
أي عظمة هذه سيّدي يا رسول الله؟.
يا سيدي يا رسول الله معذرةً * إذا كبا فيك تِبياني وتـعبيري
مـاذا أُوَفّيكَ من حقّ وتَكْرُمة * وأنت تعلو على ظني وتقديري
كيف بالله لا يحبه أتباعه أكثر من أولادهم وأنفسهم ويفدونه بأموالهم ويهجرون من أجله بيوتهم وقراهم بحيث يكون مسّ جسده الشريف أكبر أمنية لهم قبل لقاء العدو وقد يكون فيه موتهم في سبيل الله تعالى بعد أن جاءهم بهذه المفاهيم العظيمة ورسخها في مجتمعهم بدءً من نفسه.
إيه.. إنها ـ أيها السادة ـ السنة المتروكة والموقف الإيماني التربوي الذي نتعلمه من في غزوة بدر.. إنه  لا نصر بدون عدل وإنصاف فبالعدل قامت السموات والأرض وبالعدل يصلح أمر الدنيا ومتى لم تقم بعدل لم تقم. العدل أن تحب لغيرك من الحق مثل ما تحب أن تناله أنت لو كنت مكانه. فيا ليت قومي يعلمون أو يفيقون فيعقلون.
ذلكم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر أوَلسْنا أحوج إلى هذا من نبينا صلى الله عليه وسلم؟.
فهل يا تُرَانا نحن نصنع هذا مع من نخطئ معهم في حياتنا؟.
فلنتدارك أنفسنا فالدُّنيا تمرُّ وتزول ويوم القيامة يوم العدل والحساب والذي لا يُؤدِّي الحقوق في الدُّنيا فسيؤديها يوم القيامة ولات ساعة مندم.. صلى الله وسلم على الرحمة المهداة والنعمة المسداة وسلامٌ على أصحابه يوم سمعوا وأطاعوا وسلامٌ عليهم يوم صدقوا ما عاهدوا الله عليه ورضي عنهم أجمعين..
فاللهم يا فاطر الأرض والسموات أسبغ عليهم شآبيب الرحمات وبوئهم المنازل العلا في الجنات واجمعنا معهم مع الآباء والأمهات والإخوان والأخوات والأبناء والبنات فبمنك وفضلك تتمّ الصالحات..