الدراسة.. فرصة ثمينة نحو إعادة الإدماج

الأربعاء, 28 يوليو 2021

محبوسون يتسلحون بنور العلم 
الدراسة.. فرصة ثمينة نحو إعادة الإدماج

بلغت نسبة النجاح لدى المحبوسين في شهادة البكالوريا لهذه السنة ازيد من 45 بالمائة على المستوى الوطني في اطار الاتفاقية المبرمة بين وزارة العدل ووزارة التربية الوطنية وهي سبل ايجابية لاخراج المحبوسين من قوقعة الاجرام وخطوة تسبق اعادة دماجهم في المجتمع بعد استكمال عقوبتهم وخروجهم من السجن.
نسيمة خباجة 
تمثل الدراسة والتكوين بالنسبة لنزلاء مؤسسة إعادة التربية والتأهيل لتيزي وزو فرصة جديدة نحو إعادة الإدماج ورابطا يبقيهم في اتصال مستمر مع العالم الخارجي.
وإعتبر أحد النزلاء بمصلحة إعادة الإدماج والذي تحصل هذه السنة على شهادة البكالوريا بمعدل 14/20 في شعبة الآداب أنه أقبل على مواصلة دراسته حتى يتمكن من البقاء على إطلاع ويكتسب معارف جديدة لأن عالم البحث في تطور مستمر مؤكدا على التأطير الجيد المتوفر على مستوى هذه المؤسسة العقابية.
وأكد أن الأساتذة يأتون من الخارج لإعطائنا دروس ولمساعدتنا طيلة السنة الدراسية مع توفير الكتب والمراجع .
ومن جهته أعرب نزيل آخر تحصل على شهادة التعليم المتوسط بمعدل 12.69 أنه لم يكن يتوقع توفر الظروف الحسنة على مستوى المؤسسة العقابية .
وأضاف قائلا: قبل أن أسجن كانت لدي فكرة أخرى حول الأوضاع داخل السجن ولكن الإدارة وضعت تحت تصرفنا كل الوسائل اللازمة لمواصلة دراستنا. وغدا عندما تنقضي عقوبتي ستسمح لي دراستي بإعادة بناء نفسي وإعادة إدماجي في المجتمع .
وأشار مسؤول مكتبة المؤسسة العقابية إلى أن هذه الأخيرة تحصي 18.843 كتابا و6.141 عنوانا لافتا إلى أنه بإمكان النزيل الحصول على 5 كتب في الأسبوع وبأن المؤسسة تضمن توفير المراجع للذين يقومون بأعمال بحث ومذكرات نهاية التخرج بالإضافة إلى وضع القاعات تحت تصرفهم كما يعد توفير فرصة التكوين المهني داخل المؤسسة العقابية وسيلة أخرى لتحضير إعادة الإدماج حسبما ذكره سجين آخر نجح في التكوين المهني وتحصل على شهادة في حرفة البناء تخصص خرسانة والذي شكر طاقم المؤسسة والأساتذة الذين ساعدونا وأطرونا جيدا كما قال.
وأعرب عن أمله بالمناسبة في إثراء المكتبة بمراجع أكثر ليتمكن من البقاء على إطلاع مع العالم الخارجي لأن الحياة في الخارج تتطور بسرعة باعثا برسالة أمل للنزلاء وداعيا إياهم لشغل أنفسهم خلال فترة حبسهم بأمور تعود عليهم بالفائدة.
وقال في هذا الصدد بما أننا هنا أنصح السجناء بشغل وقتهم بالدراسة أو بتتبع دورات تكوينية تفيدهم لاحقا لإعادة الإدماج في المجتمع .
فرص وتخصصات مختلفة
ولشغل وقتهم بأمور مفيدة يستطيع سجناء المؤسسة العقابية لتيزي وزو تتبع عدة دورات تكوينية بفضل مختلف الإتفاقيات الموقعة بين كل من وزارة العدل وعدة دوائر وزارية أخرى كالتكوين والتعليم المهنيين والفلاحة والتنمية الريفية حسبما أشار إليه قاضي تطبيق الأحكام عبة محمود.
وتوفر هذه الإتفاقيات إمكانية تتبع دورات تكوينية في عدة تخصصات والحصول على شهادة تسمح للسجين بالعمل وحتى فتح مؤسسته المصغرة بفضل التكوين في المقاولاتية والتسيير الذي توفره مختلف أجهزة المساعدة على خلق منصب شغل (الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر الصندوق الوطني للتأمين عن البطالة ...).
وبدوره شدد نائب مدير المؤسسة المكلف بالمحبوسين على أهمية مصلحة إعادة الإدماج في تطبيق الإجراء العام للدولة المتعلق بإعادة إدماج المحبوسين في المجتمع وبخصوص دور التكوين والدراسة قالت المختصة النفسية بالمؤسسة أن الدولة تشجع المحبوسين على تتبع تكوين أو مواصلة دراستهم ليس فقط للإستفادة من العفو ولكن أيضا لتحضير إعادة إدماجهم لأن هذا الإجراء يساعدهم على وضع هدف لحياتهم وإعادة بنائها ووضع ثقة في أنفسهم وفي قدراتهم ومن جهته قال مدير مؤسسة إعادة التربية وإعادة التأهيل لتيزي وزو نسيم دهيبي أن الهدف من التكوين وتسجيل المحبوسين لمواصلة دراستهم يتمثل في رفع المستوى الثقافي لهذه الشريحة وتشجيعهم على التفكير الإيجابي وتحضير إعادة إدماجهم .
وبخصوص النتائج المحققة من طرف نزلاء هذه المؤسسة العقابية في إمتحانات شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا أوضح ذات المسؤول أنه من بين 84 سجينا إجتازوا إمتحان الإنتقال للطور الثانوي 77 منهم نجحوا فيه.
أما بالنسبة للبكالوريا فمن بين 90 ممتحنا 69 منهم تحصلوا على هذه الشهادة أي بنسبة نجاح تقدر ب 76.66 بالمائة. أما فيما يتعلق بالتكوين المهني الذي فتح 8 تخصصات على مستوى هذه المؤسسة كشف السيد دهيبي عن نجاح 315 من بين 368 نزيل إجتازوا الإمتحانات للحصول على شهادة نهاية التكوين

ناجحون مصرون على إكمال مسيرة العلم 

أكدت ق. فاطمة النزيلة بمؤسسة إعادة التربية لعين تادلس بولاية مستغانم المتحصلة على أحسن نتيجة في شهادة البكالوريا في المؤسسات العقابية الوطنية فئة الإناث بمعدل 16.75 بتقدير جيد جدا في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية عزمها وإصرارها على إكمال مسيرتها التعليمية.
ولم تخف فاطمة ذات الـ46 سنة فرحتها وسعادتها بتصدرها لقائمة الناجحين في البكالوريا بالمؤسسات العقابية الوطنية معتبرة أن أسوار السجن لم تمنعها من العمل والجد والكد للنجاح بمثل هكذا معدل.
واعتبرت أن اجتيازها للبكالوريا هذه السنة كان مغامرة وتحد حقيقي لم تكن تتوقع نتيجته بيد أنها حصلت خلال السنة الماضية أيضا على البكالوريا بمعدل 13 شعبة آداب وفلسفة غير أنها لم تكن تنوي إعادته واكتفت بالتسجيل في الجامعة في قسم علم الاجتماع.
وعن الدراسة داخل أسوار المؤسسة العقابية أبرزت فاطمة أن الإدارة وفرت لها ولكل النزلاء المعنيين بمواصلة التمدرس كافة الوسائل المادية والبشرية للدراسة طوال السنة فالأساتذة والأخصائيون النفسانيون والقائمون على المؤسسة كانوا مصدر تشجيع كبير لنا ولهم فضل كبير في نجاحنا .
وتمنت أن يسمح لها خلال هذه السنة بالدراسة في الجامعة بحرية نصفية كما أتمنى العودة لتربية أولادي والعناية بوالدتي التي ناهز عمرها ال 90 وتتمنى رؤيتي حرة قبل وفاتها .
أما ب. عبد الرحمان البالغ من العمر 24 سنة وهو نزيل بمؤسسة إعادة التربية سيدي عثمان ببلدية الصيادة ووالحاصل على83 ر16 بتقدير جيد جدا وهو ثالث أحسن معدل على مستوى المؤسسات العقابية الوطنية فقد اعتبر أن لكل حصان كبوة و كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون كما قال رسول الله صلى الله عليهسلمر شاكرا في هذا الصدد إدارة وأعوان المؤسسة والأساتذة والمختصين النفسانيين لدعمهم في تحقيق هذا النجاح.
أما ب. حمو البالغ 50 سنة نزيل في نفس المؤسسة العقابية فقد تحصل على معدل 60 ر15 في شعبة الآداب والفلسفة وهو صاحب ثاني أحسن معدل في هذه المؤسسة فقد أكد أنه لم يفرح طوال حياته مثلما فرح بنجاحه في امتحان شهادة البكالوريا التي لم يتمكن من الظفر بها وهو حر طليق.