ما يسمى بجدري القردة والشفافية المطلوبة

الثلاثاء, 31 مايو 2022

بقلم: الدكتورة سميرة بيطام*
بعض الكتابات الشعبوية لا تليق ببعض المواضيع وبعض الحقائق لا تستحق أن تبقى طي الكتمان بعض الكلمات القوية والمعاني الواضحة يجب أن تأخذ مأخذها من البيان كيف والعالم اليوم يعيش على وقع أمراض فتاكة وأوبئة بالكاد تعرف مسميات وتفرعات وسلالات يجهل الكثيرون مصدرها الحقيقي.
ليس كل ما يُعرف يجب أن يُقال وليس كل متستر هو صعب البلوغ اليه فعلى وقع ظهور مرض جديد بعد كورونا ها هو جدري القرود يطفو على قنوات الاعلام وصفحات الجرائد و يشغل اهتمام المختصين والعلماء فما علاقة هذا المرض بالقرود وهل هناك حقيقة يخفيها العلماء عن هذا المرض؟.
الناس اليوم صاروا متعبين في تلقي خبر جديد عن فايروس متنقل عابر للقارات بالكاد خرجت المنظومات الصحية من مرض كورونا حتى تفتح المجتمعات عيونها على فايروس جديد ما هذا الاحتلال الملاحظ من قبل الفايروسات وهل الانسان هو السبب أم للعلم شقه من التهمة؟.
*مستقبل مجهول
صراحة يبدو العالم ككل يسير في حلقة مضطربة متداخلة تلفها الحرب من جهة وظهور قوى منافسة في حلبة الصراع ومن جهة ظهور ما يسمى جدري القرود والذي نسبه بعض العلماء للشواذ جنسيا فان كان كذلك لماذا ينسب في التسمية للقرود؟ أم هو مجرد تغطية عن سبب انتشار الفايروس حتى لا تعم البلبلة والشكوك والمخاوف من انتقال المرض.
فجدري القرود مرض فيروسي تشمل أعراضه الحمى والصداع والطفح الجلدي وهناك سلالتان رئيسيتان الأولى سلالة الكونغو وهي أكثر خطورة إذ تصل نسبة الوفيات إلى 10 بالمئة والأخرى سلالة غرب افريقيا ويبلغ معدل الوفيات بها حوالي واحد بالمئة.
فحسب مكتب الصحة التابع للحكومة البريطانية عادة ما تكون أعراض المرض خفيفة لكن مضاعفاته خطيرة في حين يستبعد عالم الأوبئة باول هونتر من جامعة إيست أنغيلا أن تخلف الإصابات المنتشرة في أوروبا حاليا وفيات فان كان كذلك لماذا دقت أجراس الإنذار في المنظومات الصحية وتأهبت للحيطة والوقاية منه ففي الجزائر وعلى لسان مدير معهد باستور فوزي درار صرح أن سلالة جدري القرود من نفس عائلة الجدري الذي استأصل سنة 1980 كما ذكر في الشأن نفسه أن الكشف عن المرض ممكن من خلال تقنية PCR هنا افتح قوس لطرح تساؤل عن حضور هذه التقنية في الكشف عن كورونا وعن الجدري لحد الساعة وكأن الشيء المعاين هو الحمض النووي ألا توجد تقنية أخرى للكشف عن المرض أم أن الحقيقة العلمية تستوجب في العديد من المرات الإبقاء على مصدر المرض عمدا بغية أهداف أخرى..
*الحروب البيولوجية
هذه هي الحرب البيولوجية في فصولها التمهيدية اذ يتم الاخطار بالمرض مع انتظار ظهور بوادر أخرى تشرح الظاهرة أو تبطلها مع مرور الوقت بإيجاد اللقاح المناسب أو الدواء المعالج للداء.
أيا كانت تحليلات العلماء من أن سبب ظهور جدري القرود هو المهرجان الذي تم في اسبانيا وأيا كانت الخلفيات المتوخاة من بؤرة المرض الا أن هذا الأمر لا يدع مجالا لتأخير طرح سؤال جوهري وهو أن زواج المثليين كان مشاعا من سنوات بل من قرون خلت ومعظمها يتم في السر وليس في العلن فلماذا تحديدا تم نسب هذا المرض للشواذ وفي هذه المرحلة العمرية من الحرب الروسية على أوكرانيا؟ ربما يكون الأمر بحاجة لشفافية أكثر لتوضيح المسار الطبيعي للمرض وكيف سيتم احتوائه فان كان على منظمة الصحة العالمية فدورها لا يتجاوز تقديم شروحات وبائية وأهم المناطق التي تم فيها اكتشاف الحالات الأولى وهي معنية بالموافقة على اعتماد العلاجات المناسبة ولكن مبدأ الشفافية بات مطلوبا لدى الشعوب اليوم أكثر من أي وقت مضى بعد جائحة كورونا لأن ما يحدث اليوم من اضطرابات صحية واقتصادية تحتم على الدول أن تعتمد استراتيجيات أكثر ملائمة لحماية الاقتصاد و البنى التحتية للهياكل المؤسساتية من الأضرار فلن يتوقف مرض جدري القرود على اعتباره فايروس جديد في العالم بل سيتخطى الأمر الى فهم مصدره الحقيقي والاحاطة الشاملة لطريقة العدوى حتى تكون الدول أكثر جاهزية مقارنة بمكافحتها لفايروس كورونا الذي أربك  بعض المنظومات الصحية في العالم بسبب نقص مادة الأكسجين وكذا ارتفاع منحنى الإصابات دون توقع ذلك وهو ان دل على شيء فإنما يدل ربما على نقص المعلومة أو لعدم جاهزية المنظومات الصحية عملياتيا لمواجهة الظاهرة ما يعني أن فلسفة تقبل أي فايروس طارئ لن يبقى حبيس عقول الناس في حدود ما يرسم لهم من مساحة لانتشار المرض وأهم الإجراءات المطلوبة للوقاية منه بل سيطالبون أكثر من أي وقت مضى بالشفافية العلمية حتى يوضع حد للمعلومات المغلوطة وللحرب الإعلامية التي تصدح بطبولها فور ظهور فايروس جديد..فليس كل ما ينشر يصدق وليس كل ما يشرح صحيح فهل ستكشف الشفافية اللثام عن أوبئة العصر وأي دولة ستتبنى منظومتها الصحية هذا المبدأ؟.
*أستاذة وباحثة في القضايا الاجتماعية