الجزائر تجيد إطفاء الفتن على طريقتها الخاصة

الجمعة, 17 يونيو 2022


بقلم: الدكتورة سميرة بيطام*
اعتاد العالم برمته أن لا يسمع للجزائر همسا ولا وشوشة فيما يخص سلوكها الديبلوماسي والجيوسياسي وبالأخص مع دول الجوار لكن تهب الرياح بما لا تشتهيه سفينة الجزائر الجديدة لتعصف باتفاقية الصداقة بينها وبين اسبانيا صداع أصاب السياسيين الأسبان على نحو من التفاجئ من تصرف الجزائر التي اعتاد عليها الربط والفك السياسي هدوءا وتعقلا في معالجة القضايا السياسية التي مؤخرا باتت تهدد  أمنها القومي..
على العالم اليوم أن يتعود على جزائر جديدة وأعتقد أن التسمية ليست بالآنية لكنه لم يسهل هضم فحواها وأبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية والصحية هم تعودوا على جزائر كانت بالأمس مستعمرة من طرف فرنسا لما يرنو عن 130 سنة وبقت في أذهانهم  كذلك لكن المسار الديمقراطي الذي انتهجته الجزائر بعد حراك فبراير كان له الصدى في أن يوصل رسالة للمهتمين بالشأن الديمقراطي في دول العالم الثالث  أن ثمة تغيير ستتجه اليه الجزائر قادم السنوات فمن المفروض الرسالة وصلت ومفهوم التغيير الإيجابي أيضا واضح و من حق أي دولة تريد أن تغير في أسس حضارتها أن تتصرف بما يليق بتضحيات مؤسسيها الأوائل أمثال الأمير عبد القادر في دولة الجزائر و غيرهم كثر فلماذا يستغرب العالم اليوم وبالأخص دول الجوار هذا التحول اذا كان يحمل في طياته السلمية والأمان مع من أحسن التعامل مع الجزائر والقطيعة و الهجران مع من لم يحسن التعامل معها فهل حلال على جميع الدول أن تتصرف بما يلائم برنامجها السياسي والإقليمي والعسكري ومحرم ذلك على الجزائر؟ هذه رؤية خاطئة وتصور مغلوط سيصحح مع مرور الوقت ومع فرض الجزائر لهيمنتها في منطقة الأبيض المتوسط لأنها تملك المقومات والمؤهلات المادية والثرواتية والغازية والنفطية والعقول المفكرة فلماذا تبقى رهينة تصور الغير في أنها كانت مستعمرة وستبقى ثم ان التحولات الجيوسياسية تمنح لجميع الدول فرصة استغلال الظرف الحربي بين روسيا وأوكرانيا للتموقع وظهور قوى أخرى في الصف كالصين و أخرى في طريقها للظهور مثل كوريا و تركيا يجعل المجال متاح..
اذا الأمر عادي جدا في أن تقوم الجزائر بإلغاء اتفاقية الصداقة التي ربطتها بينها و بين اسبانيا لمدة طويلة خاصة اذا كانت ثمة تصرفات أغضبت الجزائر والجيش أدرى بها فبالعكس الجزائر حكيمة في ردود أفعالها ومع من يستفز استقرارها الإقليمي وحتى تمثيلها الديبلوماسي فهي لا تضرب ضربة واحدة بل تمنح إنذارات ثم تتدرج في إجراءاتها ان لم يكن الطرف الآخر مستمعا جيد..
سيتعود العالم على الجزائر الجديدة مع مرور الوقت وأصعب التفهم في بداياته لكن بتموقع الجزائر الجيد ستبطل كل الفتن والاشاعات والخطط التي تحاول ضرب أمنها ليبقى مبدأ الجزائر الثابت:
احترمني أحترمك.
*أستاذة وباحثة في القضايا الاجتماعية