بورصة الفيتامينات تلتهب عبر الصيدليات في زمن كورونا

الأحد, 30 أغسطس 2020

إقبال عشوائي.. ومضاعفات خطيرة 
بورصة الفيتامينات تلتهب عبر الصيدليات في زمن كورونا 

*الأطباء يحذرون من تأثيرات الفيتامينات على الكبد والكلى 

الوباء الفتاك وما ينجر عنه من أعراض جسمانية ونفسية دفع المصابين به وحتى الأصحاء إلى الركض إلى الصيدليات من أجل اقتناء بعض الفيتامينات والمكملات الغذائية التي يشجع البعض على تناولها في زمن كورونا ظنا منهم أنها تُكسب الجسم مناعة ضد الوباء متناسين المخاطر التي تسببها في ظل الإقبال العشوائي عليها كما أن كثرة الطلب أدت إلى الالتهاب في أسعارها واستمر الإقبال الجنوني عليها في هذه الأيام ومنذ ظهور الوباء في الجزائر .
نسيمة خباجة 

عدم وجود أي علاج فعال لوباء كورونا حتى الآن دفع الجزائريين إلى اللهث وراء كل بصيص أمل ينقذهم من الفيروس القاتل وكانت وجهة الكثير منهم إلى الصيدليات بحثا عن مختلف الفيتامينات والمكملات الغذائية التي يكثر الترويج لها عبر الوسائط الاجتماعية والتي يرى البعض أنها تدعم الجهاز المناعي للجسم في محاربة مختلف الفيروسات. 

إقبال والتهاب في الأسعار 
في جولة لنا عبر بعض الصيدليات بالجزائر العاصمة وقفنا على الإقبال الكبير على مختلف الفيتامينات على غرار فيتامين سي وفيتامين د والزنك وبعض الكبسولات المقوية وكانت تشهد ارتفاعا في السعر لم يبال به البعض أمام غاية دفع وباء فتاك وقاتل .
في صيدلية التقينا ببعض المواطنين الذين كان جلهم يستفسرون على بعض انواع الفيتامينات وكيفية تناولها ومدى فعاليتها في إكساب مناعة للجسم ضد فيروس كورونا قالت سيدة هناك ان ابنتها تعاني من الوباء بنسبة ضئيلة وكانت تستفسر عن جدوى فيتامين د لاسيما وان ابنتها تعاني من آلام في المفاصل وأرادت اقتناء علبة من حبوب فيتامين د لتقويتها وعلاجها فأخبرها الصيدلي أنها بالفعل ناجعة ونافعة وليست لها أي تأثيرات جانبية فأقدمت السيدة على اقتنائها ودفعت 450 دينار كمقابل للعلبة الواحدة وكان اخرون يطلبون فيتامين سي والزنك وبعض انواع المكملات الغذائية والكبسولات المقوية والتي ارتفعت بعض انواعها إلى حدود 950 دينار فمافوق بحيث التهبت بورصة الفيتامينات عبر الصيدليات بسبب الاقبال الجنوني عليها. 


مضاعفات خطيرة على الكبد والكلى
مع ارتفاع حالات الإصابة بمرض كورونا عالميا تصاعدت حالة من الهوس لدى كثير من الأشخاص لرفع المناعة من خلال الإقبال على شراء واستهلاك الفيتامينات والمكملات الغذائية الطبيعية والاصطناعية على اختلاف أنواعها وبشكل خاص الفيتامينات التي ذكرت تقارير طبية أنها تسهم في رفع مناعة الجسم للوقاية من الإصابة بالفيروس المستجد مثل فيتامينات د و سي وغيرهما ما جعل مبيعات تلك الأصناف تحلّق وتشهد ارتفاعا بسبب كثرة الطلب عليها في المقابل حذّر أطباء من خطورة تناول الفيتامينات دون استشارة مختصين مؤكدين أن هذا الأمر يمكن أن يشكل خطورة كبيرة على الجسم خصوصاً الكلى والكبد.
بحيث يؤكد المختصون ان هناك مضاعفات جانبية خطيرة عند الإفراط في تناول الفيتامينات أو المكملات وعلى الرغم من ان هناك بعض الأدوية التي يمكن شراؤها بدون وصفة طبية الا انه يجب أخذ المعلومات الطبية من مصدر رسمي وعبر احد الصيادلة ببئر توتة بالقول لاحظنا مع ابتداء انتشار الوباء في الجزائر ارتفاعا ملحوظا جراء جائحة كوفيد 19 بالطلب تحديدا على فيتامين C وفيتامين D وبعض الفيتامينات الأخرى لدرجة أن كميات كبيرة منها تم استهلاكها ولم تعُد متوفرة عبر الصيدليات .
وأضاف أن المكملات تشمل عدة أنواع: كالفيتامينات المتخصصة بأملاح ومعادن لها دور معين في وظائف الجسم وهناك أعشاب أو مكونات طبيعية تعتبر مكملات أيضا مع وجود بعض الدلائل أنها تساعد في علاج نزلات البرد وعلاجات خفيفة لبعض الأمراض وأكد الصيدلي أن هناك تأثيرات ومضاعفات جانبية قد تكون خطيرة عند الاستخدام المفرط والعشوائي للفيتامينات أو المكملات. لأن كل شيء إن زاد عن حده قد ينقلب إلى الضد فمثلا شرب الماء مفيد لصحة ووظائف أعضاء الجسم المختلفة لكن المبالغة في شرب الماء سيكون له تأثير سيء على الجسم.
لذلك فإن الاعتقاد أن ما نتناوله من عشب أو عنصر أو مُكمل غذائي كونه طبيعي أنه مفيد بالإطلاق بدون إرشادات وحدود يعتبر أمرا غير آمن على الإطلاق فهناك بعض المكملات تسبب حموضة في المعدة والبعض الآخر يسبب حصوات في الكلى والمرارة أنواع أخرى تسبب الإسهال أو الإمساك وبعض المكملات لاتناسب النساء. لذلك لابد من استشارة الطبيب أو الصيدلي لتحديد ماهو مناسب من حيث النوع والجرعة ومدة الاستخدام يقول .
وحول ضرورة عمل تحليل للدم لمعرفة نقص الفيتامينات والعناصر التي يحتاجها الانسان قال: الإنسان بالإجمال لو تناول طعاما متوازنا صحيا طبيعيا مع ممارسة قدر معقول من الرياضة فغالبا لن يحتاج إلى أي فيتامينات أو مكملات غذائية مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك أشخاصا بسبب ظروف حياتهم وعملهم أو مكان إقامتهم لا يتعرضون لكمية ضوء كافية أو لديهم مشكلة صحية أو غذائية معينة يحتاجون بناء على طلب الطبيب تناول بعض المكملات لتعزيز المناعة أو زيادة النقص لفترة محددة.
وأشار إلى أن هناك أدوية متعددة يمكن شراؤها من قبل الزبون بدون وصفة طبية بالإضافة للفيتامينات والمكملات تدعى الأدوية غير المجدولة منها المسكنات بالإضافة لأدوية تدعى الأدوية الصيدلانية وهي التي تأخذها من رف الصيدلية بدون وصفة متى شئت وبدون ضوابط إضافة لنوع آخر وهي الأدوية التي تؤخذ بإرشاد الصيدلي وله الحق بصرفها لك أو عدم صرفها وحول مايشاع من أن بعض الفيتامينات والمكملات تعالج كوفيد19 أكد أنه لم يثبت حتى الآن وجود علاج لكوفيد19 رغم وجود كثير من الشائعات التي تدعي أن فيتامين D يمكن أن يعالج بسبب وجود بعض المنشورات العلمية ذكرت أن بعض الدراسات التي ظهرت خلال الـ15 عاما قالت إنه يمكن أن يكون له بعض التأثير البسيط ضد عدوى الجهاز التنفسي. لكن لم يثبت علميا بالدليل القاطع أن هناك فيتامينا مُعينا أو عشبة مخصصة أو معدنا بذاته يعالج كوفيد 19.
لكنه استدرك قائلا إن هناك تأكيدات متفرقة أن مناعة الشخص القوية تساعد كثيرا في دعم القدرة على مقاومة العدوى بشكل أفضل. وينصح الجميع بالاعتماد على المعلومة الصحية الحقيقية مع عدم أخذ أي معلومة من مصدر مجهول مهما كان شكلها أو كتابتها وصياغتها وصورتها متقنة إلا من مصدر رسمي معتمد وحذر من الاعتماد على منشورات وسائل التواصل الاجتماعي غير الرسمية و
الدخول واستقاء المعلومة من المواقع المجهولة كما حذر من الاعتماد على الأشخاص ذوي التجارب الشخصية والقياس بناء على تجربتهم.

مخاطر صحية بالجملة 
من ناحيتها أكدت صيدلية بالجزائر العاصمة أن هناك إقبالاً واضحاً على شراء واستخدام الفيتامينات المختلفة من مختلف الأعمار منذ بداية جائحة كورونا مرجعة ذلك إلى خوف الناس من الإصابة بالفيروس ورغبتهم في تعزيز مناعة أجسادهم عبر تناول فيتامينات معينة في مقدمتها سي و دي وبعض المعادن مثل الزنك والمغنزيوم.
وأشارت إلى ضرورة توعية المواطنين بأهمية الاعتماد على المصادر الطبيعية للحصول على الفيتامينات التي يحتاج إليها الجسم وهي متوافرة في أنواع الأطعمة المتاحة خصوصاً الخضراوات والفواكه وفي هذه الحالة تكون الفيتامينات صحية أكثر لأنها خالية من المواد الكيميائية والمركبات المصنعة.
كما حذرت من التأثيرات السلبية لتناول الفيتامينات دون استشارة الطبيب والتأكد من حاجة الجسم لها حتى لا تتسبب في مخاطر صحية فعلى سبيل المثال يعتبر فيتامين (د) مهماً للحفاظ على صحة العظام ونموها بشكل أفضل إذ يساعد الجسم في امتصاص الكالسيوم بصورة أفضل لكن الإفراط في تناوله يمكن أن يتسبب في ارتفاع ضغط الدم وتكوّن حصى الكلى وتلفها وكذلك تصلب الشرايين.
تجدر الاشارة انه في عام 2013 أجرت مؤسسة كروشان للأبحاث استعراضاً للدراسات وخلصت إلى أن تناول جرعات كبيرة من فيتامين سي لم يؤثر في أعراض البرد لدى البالغين سواء من حيث مدتها أو شدة أعراضها. ويرى كثير من الخبراء أن الهدف من تصنيع فيتامين سي هو جني الأرباح فقط لأن معظم الناس في الدول المتقدمة يحصلون على كفايتهم منه بالفعل من نظامهم الغذائي. ولا يصاب الآن بـ الاسقربوط أو عوز فيتامين سي إلا أعداد قليلة من الناس في العالم. ويذهب خبراء إلى أنه لا توجد أدلة تؤيد فوائد أقراص الفيتامينات للأصحاء بل أحياناً يكون الإكثار منها مضراً.


مسعود بلعمبري: الفيتامينات موجهة للمرضى وليس الأصحاء  


أكد رئيس نقابة الصيادلة الخواص مسعود بلعمبري في تصريح سابق ارتفاع الطلب في الفترة الأخيرة ومنذ ظهور وباء كورونا على المكملات الغذائية والفيتامينات المستعملة في تقليص آثار فيروس كورونا على غرار الزنك وهو فيتامين ومكمل غذائي منشط لجهاز المناعة إلى جانب فيتامين سي وفيتامين د وبعض الكبسولات المقوية الأمر الذي أحدث أزمة واسعة في تموين السوق وتسجيل ارتفاع سعر بعض الأنواع إلى مستوى مذهل قارب 200 بالمائة وقال بلعمبري ان أزمة المكملات الغذائية مردها الاقبال الكبير للمواطنين عليها لتفادي الإصابة بوباء كورونا مثلما يتم الترويج له وهو ما أدى إلى نفاذها عبر رفوف الصيدليات معتبرا أن طاقة الإنتاج المحدودة تقلصت بشكل كبير.وأشار بلعمبري في نفس السياق إلى ارتفاع نسبة الطلب بـ500 بالمائة وتشمل كل من يحس بأعراض الزكام أو الأنفلونزا والمتخوفون من الإصابة بالفيروس.وختم رئيس نقابة الصيادلة الخواص بالقول أن المكمل الغذائي يُفترض أنه موجه حصريا للمرضى في ظل الندرة التي يشهدها مستغربا إقبال مواطنين أصحاء على الفيتامينات خاصة وأنه لن يفيدهم بشيء والمكمل الغذائي ليس دواء.


ضرورة الالتزام بتعليمات الأطباء 


يجمع الأطباء أن الوقاية من الأمراض والأوبئة لا تعتمد على تناول الفيتامينات فقط فهناك العديد من العوامل التي يمكن أن توفر الحماية للإنسان مثل الغذاء الصحي والتعرض لأشعة الشمس والهواء الطلق بما يمنح الجسم ما يكفي من الفيتامينات التي يحتاجها وإذا قام الشخص بتناول فيتامينات ومعادن إضافية ستكون زائدة عن حاجة الجسم وتتسبب في إلحاق الضرر به مشددين على أهمية الالتزام بالوصفة الطبية فهي ضرورية للحماية من هذه المخاطر.
بحيث تعزز المُركبات الغذائية نظام المناعة لدينا وتساعده على العمل بشكل فعال. ولذلك إذا حصلنا على هذه العناصر من الغذاء فلا حاجة إلى تناولها عن طريق الفيتامينات في المقابل يمكن أن يؤدي تناول جرعات زائدة من الفيتامينات إلى حدوث مشكلات صحية مثل الإصابة بحصوات في الكلى والإسهال واختلال وظائف الكبد مشددين على ضرورة الغذاء الصحي وأيضاً ممارسة الرياضة من أفضل وسائل تقوية جهاز المناعة لدى الإنسان.
إن تناول الفيتامينات دون الرجوع إلى الطبيب يمكن أن يكون له تأثير سلبي على الصحة على عكس ما يعتقد كثيرون لاسيما أن معظم الأشخاص يمكنهم الحصول على احتياجاتهم من الفيتامينات المختلفة من خلال تناول غذاء صحي يتسم بالتنوع بين أنواع الطعام المختلفة مثل الخضراوات والفاكهة والبروتين والنشويات وغيرها وهناك فئات معينة يجب أن تلتزم بعدم تناول أي أدوية أو مكملات غذائية وفيتامينات دون استشارة الأطباء مثل الحوامل والأطفال والأشخاص الذين يعانون أمراضاً معينة فالطبيب هو القادر على تحديد أنسب نوع من الفيتامينات والجرعة المطلوبة بناء على عمر الشخص ودرجة نقص الفيتامين لديه وفترة التناول كما يجب الالتزام بتعليمات الطبيب من حيث الجرعة وفترة التناول حتى لا يتعرض المرء لمشكلات صحية.